خاصمقالات

لحظة سعادة على فيسبوك

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المببضين

ملأتني السعادة وأعترتني المفاجأة قبل عدة أيام ، عندما إلتقيت صديقاً قديماً من زمن “الطفولةوالمدرسة “،…. صديقي العزيز ” محمد هريس”، الذي لم أره، ولم أسمع عنه خبراً منذ أكثر من 17 سنة ، وهواليوم يعيش في كندا يعمل بنجاح في إحدى شركات القطاع الخاص، عرفت بذلك من خلال لقاء إفتراضي جمعني به عبر شبكة “الفيسبوك”، التي تضمّ اليوم مجتمعاً مكوناً من 1.5 مليار إنسان من كافة أنحاء العالم.

سعادتي كان مصدرها اللقاء بعزيز من ” الزمن الجميل” ، ….. والمفاجأة كانت لطريقة اللقاء ” إفتراضياً” بعد طول غياب عبر شبكة الفيسبوك.

وأدركت ولمست يومها كيف يمكن لمثل هذه الشبكة – المثيرة للجدل – أن تعط أملاً للناس لتجمعهم ، وإن باعدتهم السنون والجغرافيا.

لم أكن أتوقع هذا اللقاء أبدا بهذه الصورة، وخصوصا أن النسيان يتغلّب علينا مع مرورنا متقدّمين بسنوات العمر، وإنشغالنا مع تقلّب الحياة وتطوّرها نحو مرحلة ” الكبر”، عندما نبتعد عن أصدقاء ومعارف ، وننشغل عن أقارب ، وننسى في كثير من الأحيان حتى السؤال عن المقربين، فكيف تكون الحال مع الذين باعدت بيننا وبينهم مساحات شاسعة وقارات ومحيطات في هذا العالم المترامي الأطراف ؟.

غير أنّ لقائي بصديقي ” هريس” – وبكبسة زر – عندما أضفته صديقا لي على “صفحتي الفيسبوكية” – جعلني أشعر كيف أن هذه التكنولوجيا قد حولت العالم المتسّع بقاراته الخميس ، إلى ما يشبه القرية الصغيرة تصديقاً لمقولة العالم الكندي في مجال الإتصال ” مارشال ماكلوهان” الذي توقّع قبل عقود الوصول إلى فكرة ” القرية الكونية” عبر وسائل الإتصالات الحديثة لا سيّما الإنترنت التي يستخدمها اليوم 3 مليارات إنسان.

لقيت محمد، وأمضنا معا إفتراضيا أكثر من ساعتين نتحادث ونتبادل الأخبار ونتطرق إلى الذكريات: فقد كان كلانا في قائمة المتفوقين أيام الدراسة ، وتذكرنا أحلامنا في ذلك الوقت التي كانت ترافقنا طامحين لنكون ناجحين في حياتنا الاجتماعية والعملية…..

كان حديثاً مليئاً بعبارات المفاجأة والسعادة: كيف ألتقينا عندما وجدني على صفحة أحد الاصدقاء المشتركين، ليبادر بطلب الصداقة بكبسة زر ، وبدوري قمت بإضافته وقبول صداقته بكبسة زر ايضا، لنبدأ بعدها بالحديث عبر فضاء ” الفيسبوك” متبادلين عبارات الإشتياق والمحبة …!

لولا هذااللقاء لما عرفت أن صديقي محمد اليوم يعيش في كندا يعمل بنجاح، وقد تزوج وأنجب ” علي” ، وبهذا الحديث الإفتراضي لما عرف اني انخرطت في ” مهنة المصاعب” التي إستغرب إختياري لها، وخصوصا أني كنت مندمجا في صغري برياضة كرة القدم، ومتعلقا محبا لدراسة ” إدارة الأعمال” في مرحلة الجامعة……..

في نهاية المحادثة إتفقت مع محمد على ” التواصل” عبر فضاءات هذه الشبكة، حتى يشاء لنا القدر للقاء وجاهي …..!

لأول مرة جعلني ” الفيسبوك” أشعر بسعادة غامرة حقيقية، فتجاربنا في استخدام هذه الشبكات، والدراسات العالمية المتخصصة تؤكد على ما تعجّ به هذه المنصات، وما تبعث به كل يوم من ” كآبة وتعاسة” بإنقسام الناس وعداءهم لبعضهم البعض عبر فضاءاتها في مناقشة القضايا العامة، وما تفيض به صفحاتها من اخبار ” القتل” و ” الدمار” في عالم منقسم، منفصل عن واقعه حد الجنون، فضلا عن الإستخدامات السلبية لمجتمعات الفيسبوك في التعارف السلبي والتسلية، والتعليقات والنشر غير الهادف.

ومنذ اكثر من ثلاث سنوات عندما التحقت بمجتمع ” الفيسبوك” أدركت لأول مرة أهمية مثل هذه الشبكات في التواصل البنّاء الحقيقي بين الناس، وتوفير منصات لهم للقاء وقد يكون للمهجرين من أوطاننا العربية هذه الحاجة يوما ما للإجتماع بأهليهم.

وعرفت أن لحظات سعادة وانجاز ونجاح يمكن ان نصل لها من خلال هذه الشبكات التي يجب ان نستخدمها ونتعامل معها بايجابية وحذر، فقد أظهرت دراسة عالمية نشرت العام الماضي أن مواقع التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى إصابة مستخدميها بالتعاسة والاكتئاب، وذلك من خلال تقويض ثقتهم مع بقية المجتمع، حيث وجدت هذه الدرسة ان تلك الشبكات تزيد مخاطر تعرّض المستخدمين للسلوكيات الهجومية وخطابات الكراهية، وبالتالي قد تترك آثاراً نفسية سيئة عليهم.

وقالت دراسة دنماركية نشرت العام الحالي بان التوقف عن استخدام الفيسبوك، يسهم في أن يكون الإنسان أكثر سعادة، حيث اظهرت الدراسة بان من يتوقف عن استخدام فيسبوك يصبح أقل غضبا ووحدة، وأقل إحباطا، وأكثر نشاطا وحماسا، وأكثر استمتاعا بحياته بشكل عام.

رغم نتائج هاتين الدراستين وغيرها من الدراسات التي أظهرت المزيد من النتائج التي تشي بسلبية هذه الشبكات الى جانب تجاربنا وتعاستنا اليومية من ” الفيسبوك”، الا ان لحظات سعادة قد نصل لها مثل لحظات لقائي بصديقي محمد هريس بعد طول غياب….!!!!!!

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى