أخبار الشركات

سباق مركبات الـ “هايبرِد” … عصر جديد

شارك هذا الموضوع:

بدءاً من هدير المحركات المفعمة بالقوة الذي يهتز لها الجسد، ورائحة الوقود والمطاط المحترق، ووصولاً إلى الإثارة التي تُحدثها المنافسات الضارية بين السائقين على المراكز الأولى، فلا شيء يثير الحماس أكثر من سباقات المركبات عالية الأداء!
قد تبدو هذه الرياضة وكأنها على طرفي نقيض مع النهج البيئي الذي اختارت شركة تويوتا أن تسلكه. ورغم ذلك، فقد وُلِد نوع جديد من سباقات السيارات، وهو سباق مركبات الـ “هايبرِد”. وينظر الكثيرون إلى مركبة تويوتا “بريوس” كمركبة هادئة عائلية وشبابية واقتصادية في استهلاك الوقود، نظراً لاعتمادها على تكنولوجيا الهايبرد، دون إدراك القدرات الهائلة لهذه التكنولوجيا عند استخدامها في عالم رياضة السيارات حيث تُمكن مركبات السباق من تحقيق سرعات تتجاوز ال 300 كلم في الساعة على حلبات السباق.
وفي حقيقة الأمر، فإن نظام الـ “هايبرِد” يتفوق بكل المقاييس، إذ يقدم أداءً استثنائياً وفوائد بيئية فريدة في الوقت ذاته. فالسباقات لا تعكس فحسب مدى تطور تكنولوجيا الـ “هايبرِد”، بل تمثل أيضاً الخطى السريعة نحو تطوير هذه التكنولوجيا بشكلٍ أفضل من أي وقت مضى، مما يشكل دافعاً لمهندسي شركة تويوتا لتحقيق قفزات نوعية في مجال الابتكار. وتسعى الشركة من خلال مشاركتها في مثل هذه السباقات إلى إعتلاء منصات التتويج. ولتحقيق لذلك، فلا بد من الاستمرار في التعلم وتوسيع آفاق المعرفة.

تويوتا “بريوس”: مركبة سريعة منخفضة الانبعاثات وصديقة للبيئة

قبل أن نخوض في الحديث عن سباق مركبات الـ “هايبرِد”، فلنتطرق أولاً إلى “نظام تويوتا هايبرِد” (THS). أُطلق الجيل الأول من مركبة تويوتا “بريوس” في العام 1997، حيث تم استخدام نظام تويوتا هايبرِد بهدف إجراء تحسينات كبيرة على صعيد كفاءة استهلاك الوقود. فعلى الرغم من أن مركبة تويوتا “بريوس” كانت تقدم درجة استثنائية من الاقتصاد في استهلاك الوقود، غير أنها لسوء الحظ كانت لا تزال بحاجةٍ إلى المزيد من الطاقة. وفي العام 2003، أحدثت شركة تويوتا تطوراً كبيراً في نظام الـ “هايبرِد” كان الأول من نوعه، وذلك مع إطلاقها النسخة الثانية من “نظام تويوتا هايبرِد” (THS II)، والذي تم تزويد الجيل الثاني من مركبة تويوتا “بريوس” به. ولم يقتصر على كون هذا النظام الأكثر اقتصاداً في استهلاك الوقود فحسب، بل امتاز أيضاً ببطارية ذات فولتية أعلى وطاقة ناتجة أكبر للمحرك الكهربائي، مما أنتج عنه تسارعٍ عالٍ للغاية. وشهد العام 2009 الظهور الأول للجيل الثالث من مركبة تويوتا “بريوس”، الذي جاء مزوداً بمجموعة كبيرة من الابتكارات الجديدة، إذ تم رفع سعة محرك البنزين من 1.5 إلى 1.8 لتر، وأعيد تصميم مسننات تخفيض السرعة بصورةٍ شاملةٍ لتصبح مدمجة إلى حدٍّ كبيرٍ، كما تم تعديل المحرك الكهربائي لينتج قدراً أكبر من الطاقة ويتيح الانطلاق بسرعاتٍ أعلى.
ومنذ المراحل الأولى لتطوير مركبة تويوتا “بريوس”، كانت شركة تويوتا تخطط لإنتاج مركبة عالية الأداء وجاهزة لخوض سباق مركبات الـ “هايبرِد”. فظهرت مركبة تويوتا “بريوس لاندسبيد” لأول مرة في “أسبوع بونفيل الوطني للسرعة” لعام 2004، والتي جرى تطويرها بالاعتماد على الجيل الثاني من مركبة تويوتا “بريوس”. وتمكنت هذه المركبة الفريدة من تحقيق رقم قياسي في السرعة القصوى لمركبات الـ “هايبرِد”، بلغ 130.794 ميل في الساعة (أي ما يعادل 210.5 كلم في الساعة).

مركبات الـ “هايبرِد” تتمتع بكل ما يلزم للمحافظة على ريادتها

“تتبادر تكنولوجيا الهايبرِد إلى الأذهان كلما تحدثنا حول تطبيق تقنيات صديقة للبيئة في عالم السباقات، وهو أمر علينا الالتزام به كشركة رائدة في هذا المجال”، بحسب يوشياكي كينوشيتا، رئيس شركة تويوتا للسباقات ش.ذ.م.م.
تمت ترجمة رؤية يوشياكي كينوشيتا إلى حقيقة على أرض الواقع مع تنفيذ مشروع تويوتا لسباق مركبات الـ “هايبرِد” في أواخر العام 2005. وتولى السيد كينوشيتا فيما بعد منصب رئيس شركة تويوتا للسباقات، حيث ركز على جمع أنشطة شركة تويوتا في عالم السباقات تحت مظلة واحدة. ويحظى كينوشيتا بالدعم من السيد هيساتاكي موراتا، الذي يشغل حالياً منصب المدير العام لقسم تطوير وحدة رياضة السيارات في الشركة، وهو القوة المحركة وراء تطوير مشروع تويوتا لسباق مركبات الـ “هايبرِد”.
وعادت تويوتا مرة أخرى في العام التالي للمشاركة في “سباق توكاشي للتحمل 24 ساعة”، مستخدمةً هذه المرة مركبة تويوتا “سوبرا” المزودة بنظام “هايبرِد” مخصص للسباقات، ما مكنها من تحقيق انتصاراً تاريخياً.
وفي أعقاب هذا الفوز الكبير في العام 2007، بدأ بريق مشروع تويوتا لسباق مركبات الـ “هايبرِد” يخبو، غير أن كلاً من السيدين كينوشيتا وموراتا كانا قد وضعا فعلياً هدفاً جديداً نصب عينيهما، وهو الفوز بـ “سباق لومان للتحمل 24 ساعة”. ولذلك، فقد عملا جاهدَيْن ولم يدَّخرا وسعاً لتطوير مركبة جديدة مخصصة لسباقات الـ “هايبرِد”، عُرِفت فيما بعد باسم تويوتا هايبرِد TS030، والتي كانت هي وخليفتها على وشك تغيير مجرى رياضة السيارات الحديثة إلى الأبد.

الفوز بلقبي فئة السائقين وفئة المُصنِّعين للعام 2014 في بطولة العالم لسباقات التحمل من تنظيم الاتحاد الدولي للسيارات
تُعد سلسلة بطولة العالم لسباقات التحمل التي ينظمها الاتحاد الدولي للسيارات واحدة من أقسى بطولات التحمل في عالم رياضة السيارات، والتي تشمل “سباق لومان للتحمل 24 ساعة” العريق. ومع انطلاق هذه السلسلة في العام 2012، شاركت تويوتا في سباق لومان بمركبة تويوتا هايبرِد TS030 المزودة بـ “نظام تويوتا هايبرِد للسباقات” (THS-R) الجديد. وفي مرحلة التصفيات، تمكنت مركبة TS030 من تحقيق سرعة فائقة بلغت 335.2 كلم في الساعة، وهي أقصى سرعة تم تسجيلها في السباق مقارنة ببقية المنافسين.

ولكن، كانت تلك مجرد البداية. ففي العام 2014، أطلقت تويوتا مركبة السباق الجديدة بالكامل تويوتا هايبرِد TS040، والتي كان يُنظر إليها في ذلك الوقت على أنها بعيدة كل البعد عن المنافسة على اللقب مع انطلاق السلسلة. وكانت هذه المركبة مزودة بمحركٍ كهربائيٍ إضافي على المحور الأمامي، الأمر الذي مكنها من الدفع بنظامٍ رباعيٍ وقام بتحسين إعادة توليد طاقة المكابح بشكلٍ كبير. وأنتجت المركبة طاقة بلغت 1000 حصان تقريباً، ويمكنها أن تصل لسرعة قصوى تبلغ 340 كلم في الساعة على خطٍ مستقيم. وأسهمت مركبة تويوتا TS040 في فوز فريق تويوتا للسباقات بلقبي فئة السائقين وفئة المُصنِّعين للعام 2014، لتَختتِم بذلك موسم بطولة العالم لسباقات التحمل بنجاحٍ باهر. وكان هذا الفوز دليلاً واضحاً على القدرات التي تتمتع بها مركبات “هايبرِد” للسباقات ودرجة الأداء العالي الذي تقدمه في بيئة السباق الصعبة. كما أكد هذا الفوز على المكانة الريادية العالمية التي تتميز بها شركة تويوتا ومدى النجاح الذي حققته في تطوير تكنولوجيا الـ “هايبرِد” المتقدمة.

السباقات تساعد على تطوير مركبات أفضل من أي وقتٍ مضى

يعمل نظام الـ “هايبرِد” على توليد الطاقة الكهربائية لإعادة شحن البطاريات أثناء عملية الكبح، وذلك عن طريق تحويل الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية يتم تخزينها. ففي السباقات، تضطر المركبات إلى استخدام المكابح بشكلٍ قويٍ ومتكرر، ولذلك فإنه يجب بذل الكثير من الجهد لضمان إمكانية توليد كمية كبيرة من الطاقة على مدى فترةٍ زمنيةٍ قصيرة. وعندما يتم تطبيق هذه التكنولوجيا في المركبات التي يتم إنتاجها على نطاقٍ واسعٍ والمصممة للاستخدام على الطرقات العادية، فإنها تتيح تطوير مركبات “هايبرِد” ذات كفاءة عالية يمكنها إعادة توليد الطاقة الكهربائية عند أي سرعة.

وقد تَبنَّى برنامج بطولة العالم لسباقات التحمل فلسفة شركة تويوتا في الاستفادة من رياضة السيارات كوسيلة لصنع مركبات أفضل من أي وقت مضى للطرق العادية، مما ساهم في نقل تكنولوجيا الـ “هايبرِد” من حلبات السباق إلى تلك المركبات منذ بداية المشروع في العام 2012. كما أن اللوائح المعدلة لموسم العام 2014 من بطولة العالم لسباقات التحمل ركزت بشكلٍ خاص على كفاءة استخدام الطاقة، الأمر الذي تطلب تحسناً بما يقرب من 25٪ في درجة الاقتصاد في استهلاك الوقود في كل لفةٍ من السباق؛ ما معناه أنه كان يجب على شركة تويوتا التركيز على الحد من استهلاك الوقود وتحسين مقدار الطاقة المستردة؛ أي، بعبارة أخرى، نفس الأشياء التي يتم التركيز عليها في المركبات التي يتم إنتاجها على نطاقٍ واسع. ومما لا شك فيه أيضاً أن الانسيابية الهوائية الأفضل والوزن المنخفض، وهما من العوامل التي تحظى بأهميةٍ بالغةٍ في مركبات السباق، تلعبان دوراً كبيراً في ابتكار وتطوير مركبات يتم إنتاجها على نطاقٍ واسعٍ تمتاز بالأداء العالي والاقتصادية في استهلاك الوقود. وباختصار، فإن سباقات السيارات تمثل أفضل وسيلة لشركة تويوتا لتطوير واختبار تكنولوجيا الـ “هايبرِد” عالمية المستوى التي ابتكرتها.

وحسب موراتا، فإن:

“المكونات والتكنولوجيا التي تم تطويرها لمركبة TS040 هايبرِد ستوفر الأساس لمركبات تويوتا الذي سيتم إنتاجها على نطاقٍ واسعٍ في المستقبل”.
ولذلك، فإن نظام تويوتا “هايبرِد” المفعم بالقوة يُحدث تغييراً تدريجياً في وجه رياضة السيارات الحديثة والمفاهيم المرتبطة بقدرات مركبات الـ “هايبرِد” للسباق. كما أن سباق السيارات لا يبرز فقط أفضل ما لدى مهندسينا، بل يحث أيضاً على الابتكار التقني. ويأتي الجيل الجديد من مركبة تويوتا “بريوس” نتيجة لهذه الجهود المتفانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى