خاصمقالات

هل إنقضى عصر ” الصوت” ؟

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

مع دخول تقنيات الإنترنت عريض النطاق المتنقل من الجيلين الثالث والرابع، يرافقها الإنتشار الكبير للهواتف الذكية، تغيّر شكل سوق الإتصالات بشكل جذري في جانبي الطلب والعرض، إذ بدأت بوصلة القطاع تتجه وتركز على خدمات البيانات والإنترنت اكثر من خدمات الصوت والرسائل القصيرة.

قبل حلول عهد الإنترنت عريض النطاق المتنقل إلى السوق المحلية في العام 2010، ظلّت خدمات الصوت والرسائل القصيرة تسيّطر على إعلانات شركات الاتصالات وعروضها، وتستحوذ على الحصة الأكبر من إيراداتها، وعلى الجانب الأكبر من إستخدامات المشتركين الذي يبحثون دائما عن أسعار منخفضة لدقائق محلية او دولية في السوق المحلية التي تعتبرها الدراسات المحايدة من الأكثر تنافسية في المنطقة العربية.

بيد أن ان المعادلة بدأت تنقلب مع دخول الجيلين الثالث والرابع – التقنيتان اللّتان تتيحان الانترنت المتنقل عبر اجهزة الهواتف المتنقلة- أصبحنا نرى عروض الشركات واعلاناتها تركز على الإنترنت، وخدمات القيمة المضافة المبنية على الشبكة العنكبوتية لقطاعي الاعمال والافراد، وتغير استخدام الناس لـ ” الاتصالات” كثيرا، فالكل اصبح منغمسا بشاشة هاتفه الذكي يتصفح الانترنت، والمواقع الاخبارية، وشبكات التواصل الاجتماعي.

مع توسع وانتشار استخدام الانترنت عريض النطاق وتغطيته لاكثر من ثلاثة ارباع سكان المملكة، نسمع بين الحين والاخر مقولة بان ” عهد الصوت قد انقضى”، وبان الناس لن تعتمد على هذه الخدمة كما هو حالهم في السابق، ولكنني لست مع هذه المقولة ابدا، وخصوصا في جانب الطلب او جانب الاستخدام من قبل الناس، فهذه النظرية غير مقبولة من وجهة نظر المستخدمين…

لن يستغن المستخدم ابدا عن خدمات الصوت ، وستبقى هذه الخدمة حاضرة في ايرادات الشركات على مدار عقود قادمة، لما للصوت من ” سحر” و ” هيبة” و ” ضرورة” لاشباع رغبة المستخدم في سماع صوت الاخر، وهنا اشير الى ان تحولا قد يحدث لهذه الخدمة باعتماد الناس المكالمات الصوتية عبر بروتوكول الانترنت وتطبيقات التراسل الى جانب الاعتماد ايضا على المكالمات عبر شبكات الاتصالات التقليدية.

ونستطيع اثبات ذلك بلغة الارقام ، وخصوصا في الفترة الزمنية التي ازدهرت فيها خدمات الانترنت عريض النطاق ( 2010 – 2016 )، فالارقام الرسمية تقول بان عدّاد دقائق الاتصالات الصوتية في إزدياد من سنة إلى سنة، وخلال آخر ثلاث سنوات بلغ معدل حجم الحركة الهاتفية للأردنيين حوالي 35.4 مليار دقيقة اتصال هاتفية صادرة وواردة ( ما يعادل 2.95 مليار دقيقة اتصال شهريا، وهو رقم كبير يدل على إعتماد الأردنيين على خدمات المكالمات الصوتية رغم زيادة إستخدامهم للبيانات والإنترنت عريض النطاق.

غير أنّني أرى بأنّ مقولة ” عهد الصوت قد إنقضى” أصبحت مثبتة وواضحة أكثر في جانب العرض من قبل الشركات، لا سيّما وأن حصة الصوت في ايرادات الشركات بدأت تتراجع لصالح خدمات البيانات وخدمات الإنترنت عريض النطاق التي تشهد نموا كبيرا من سنة الى اخرى، وهذا التوجّه ينطبق على جميع اسواق الاتصالات حول العالم، واذا ما دققّنا في عروض الشركات خلال اخر ثلاث سنوات سنرى التركيز على خدمات البيانات والانترنت وخدمات القيمة المضافة المبنية عليها.
ولذا شهدنا في السنوات الأخيرة إستثمارات كبيرة ومتزايدة من قبل المشغلين في شبكات الاتصالات الحديثة من الجيلين الثالث والرابع، وشبكات الالياف الضوئية، وفي بناء وإبتكار وتقديم خدمات وتطبيقات تقوم على شبكة الإنترنت لإستحداث مصادر إيرادات جديدة.

مهما تطوّر قطاع الإتصالات، ومهما تغيّرت السوق وشهدت دخول تطبيقات وخدمات جديدة، سيبقى المستفيد مستخدما للمكالمات الصوتية، ولن يستغن عنها ابدا، فالصوت سيبقى ضروريا للتواصل وان اختلفت الاجهزة والتقنيات ، سيبقى الصوت صامدا مهما إنغمس المستخدم في عالم ” البيانات”…!!!

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى