مسؤولية اجتماعية

القطاع الخاص يمكن أن يؤدي دورا إيجابيا في علاج التوحد

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي- إبراهيم المبيضين 

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها الأردنيون من شرائح مختلفة؛ خصوصا ذوي الدخل المحدود، ومع استمرار التأثيرات السلبية لظاهرتي البطالة والفقر على المجتمع، تظهر جليا أهمية برامج المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص التي تنفذها منفردة أو بالشراكة مع القطاع العام.

وعلى الشركات أن لا تتبنى برامج المسؤولية الاجتماعية للمجتمع وكأنها عبء عليها، بل يجب أن تنظر إليها كواجب للمساهمة في التنمية الاقتصادية من باب ردّ الجميل للمجتمع الذي أسهم في تطور أعمالها وتشكيل أرباحها.

ومن جهة أخرى، يجب أن تركّز شركات القطاع الخاص بمختلف أطيافها على المبادرات والمشاريع التي تحدث تأثيراً طويل المدى في المجتمع أو حياة الفرد الاجتماعية والاقتصادية.

وليس هنالك أفضل من أن تمس برامج المسؤولية الاجتماعية قضايا البطالة والفقر والمساعدة على تحويل المشاريع الريادية إلى إنتاجية، فضلا على أهميتها في دخولها قطاعات التعليم والصحة وتوفير المسكن.

الغد” تحاول في زاوية جديدة أن تتناول حالات لبرامج، أو تعدّ تقارير إخبارية ومقابلات تتضمّن المفاهيم الحقيقية للمسؤولية الاجتماعية لشركات من قطاعات اقتصادية مختلفة تعمل في السوق المحلية.

بعد نحو 10 أيام ، وتحديدا يوم 2 من شهر نيسان ( إبريل) المقبل، تحتفل دول العالم والمؤسسات المعنية والمجتمعات باليوم العالمي للتوعية باضطراب ” التوحد”  مع التزايد المضطرد في عدد المصابين به ونقص المعلومات والدراسات حول أسبابه وتشخيصه، وانتشار المفاهيم الخاطئة والشائعة حول هذا الاضطراب الذي عادة ما يتسبّب بضعف في التواصل اللغوي والإجتماعي للمصاب به.

وأكّد خبراء يوم أمس الحاجة المتزايدة لدراسته وتكثيف البحوث حول اسباب ” التوحد” – والتي ما تزال مجهولة – كما أكدوا على الدور الكبير الذي يمكن ان تلعبه شركات القطاع الخاص سواء في القطاع الخاص أو من قطاعات اخرى، بتنفيذ برامج مسؤولية اجتماعية تعنى بهذا ” الاضطراب” للتقليل من آثاره ومساعدة أهالي المصابين به لعلاج اعراضه وتوعيتهم بكيفيات التعامل معه حتى يتمكن الاطفال المصابون به من الاندماج بمجتمعاتهم والمساهمة ايجابا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لها.

وعرّف الأستاذ المساعد في كلية الطب في الجامعة الأردنية د.لؤي الزغول ” طيف التوحد” أنه اضطراب أو مجموعة من الأعراض المتداخلة التي تظهر في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، وتؤثر سلبا وبنسب متفاوتة على تفاعله الاجتماعي وعلى لغته وسلوكه واهتماماته، لافتا الى أن اسباب هذا الاضطراب ما تزال غير معروفة على وجه الدقة، ويغلّفها الكثير من الجدل والفرضيات.

وقال الزغول “لا أرقام ودراسات رسمية دقيقة حول هذا ” الإضطراب” في الأردن، الا انه اشار إلى ان بعض التقديرات تشير إلى وجود 8 آلاف حالة لمصابين به في المملكة، تشكل نسبة تصل إلى 1 % من السكان، ونسبة تصل تصل الى 5 % من شريحة الأطفال

وأكّد أن التدخل السريع في الوقت المناسب من الاهل لمعالجة أعراض ” التوحد” يسهم بنسبة تزيد عن 60 % في تطوير مهارات الطفل وتأهيله ليلعب دورا فاعلا في المجتمع، مؤكدا أهمية توعية الأهل ومساندتهم للتعامل مع هذه الحالة، وما يترتب عليها من تكاليف باهظة وخصوصا في مجال الحاق أطفالهم في مدارس خاصة أو مراكز متخصصة، مع قلة في وجود هذه المراكز المتخصصة والجمعيات المعنية

بـ ” التوحد” في المملكة.

وأشار الزغول إلى انّ شركات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني يمكن ان تلعب دورا مهما بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه ” التوحد” والتخفيف من آثاره، ودعم ومساندة الأطفال المصابين به وعائلاتهم لا سيما العائلات من ذوي الدخل المحدود، من خلال العديد من المحاور مثل : دعم الدراسات والبحث العلمي حول هذا الاضطراب غير معروف الاسباب، مبادرات تعنى بتقديم التوعية للأهل حول ” التوحد” وأخرى تعنى بدعم ومساندة الأهل للتعامل مع هذه الحالات، دعم المراكز والجمعيات المعنية بهذا الاضطراب، توفير المختبرات والاجهزة المتخصصة لتشخيص ” التوحد” للتعامل معه ضمن خطة العلاج.

الى ذلك؛ قالت الخبيرة الالمانية في مجال التوحد ” كريستينا فنيسينتي” – التي تستضيفها “جمعية رعاية وتأهيل مبدعي التوحد” الاردنية بالتعاون مع جمعية مؤسسة البركة الخيرية وغرفة صناعة عمان بالتعاون مع مكتب التعاون الالماني الأردني في الغرفة – إلى أن اعداد الاطفال المشخصين باضطراب التوحد في تزايد مستمر وتصل النسبة العالمية 1 الى 88 لكل ألف طفل.

وبينت أن التوحد ” ليس مسألة جينية”، داعية الامهات إلى تنظيم تجمعات شهرية لتبادل الاحاديث والتحديات التي تواجههن وتقديم النصائح فيما بينهن للخروج بحلول جيدة تسهم بتأهيل أبنائهن، وأشارت من خلال ملاحظاتها في الاردن ان طبيعة المجتمع الذكوري يفرض مسؤوليات على الأم في حال كان لدى العائلة طفل توحد، سيما وان بعض الآباء يمارسون النكران في البداية، وهو ما يؤثر على طفلهم لسنوات كثيرة  يفترض بها أن تكون سنوات للتأهيل في مرحلة مبكرة.

وقالت ” فنيسينتي”  والتي تملك خبرة واسعة في مجال التوحد لنحو أربعة عقود؛ أن التوسع في تشخيص الأطفال والمعايير المتبعة باتت أوسع حيث كانت تقتصر على نحو 7 أسئلة فيما تمتد القائمة حاليا مما جعل الأطفال الذين يشخصون بالتوحد في تنام مستمر.

وعن ملاحظاتها حول ” التوحد” في الأردن أوضحت قائلة “لا شك أن طفل التوحد يسبب بعض المشاكل وبالتالي تظهر أمور مجتمعية نفسية تصيب العائلات ، قد تحدث بعض حالات الانفصال جراء الضغوط التي يسببها وجود ذلك الطفل بالعائلة مما يشكل اختبارا حقيقيا لمدى قدرة الزوجين على تحمل الضغط الذي يسببه الطفل المتوحد وما يقوم به من سلوكيات تعتبر من وجهة اهله غير مرغوب بها كالصراخ أو البكاء، خصوصا بوجود ضعف في قدرة الأهل على التعامل معه، إلى جانب الضغط على موارد العائلة واستنزافها في ظل عدم توفر الرعاية من قبل الدولة كما فهمت، أي عدم وجود مؤسسات حكومية متخصصة ترعى مثل هؤلاء الاطفال بالمفهوم الشامل الذي تتيحه الدول المتقدمة كالمانيا وسويسرا“.

وعن تجربة البلدان المتقدمة، أوضحت :  “ان طفل التوحد يكلف الدولة سواء في المانيا أو سويسرا ثلاثة أضعاف نظرائه من الأطفال في المدارس الحكومية، حيث تصل كلفة طفل التوحد سنويا نحو 75 ألف دولار لتشمل العلاج الطبيعي والسلوكي والوظيفي والنفسي ومعلمة الظل“.

وأشارت ” فنيسينتي” الى أن اكتشاف قدرات الأطفال في مجال معين يجعل المدارس في سويسرا والمانيا تركز على هذا المجال لدمجهم في المجتمع وجعلهم أشخاصا قادرين على الاعتماد على انفسهم واستكمال

دراستهم الجامعية“.

ولفتت إلى أن أعدادا كبيرة منهم يدرسون الحاسوب أو الرياضيات ويعملون لاحقا في شركات التكنولوجيا، حيث تتناسب قدراتهم في العادة مع هذه التخصّصات والبيئات.

عموما؛ شددت فنيسينتي على أهمية العلاج الوظيفي والتكامل الحسي لإشعار أطفال التوحد باجسادهم بهدف تقوية الوصلات العصبية عبر تمارين خاصة لتمكينهم  من السيطرة على حركاتهم وتحسين ادائهم في حركاتهم الجسمية.

إلى ذلك ؛ أكّدت الخبيرة في مضمار المسؤولية الاجتماعية د. منى هندية بان الرعاية الصحية تعتبر من المحاور الاساسية للاستدامة والمسؤولية الاجتماعية، لان توفير مبادرات تعنى بالوقاية من الأمراض مثل ” التوحّد ” أو ” السرطان” أو غيره من امراض العصر الحديث ، أو التوعية بها أو علاجها يؤثر ايجابا في تحسين حياة الأفراد والمجتمعات وبالتبعية المساهمة في التنمية الاقتصادية والإجتماعية.

وقالت هندية ان “المسؤولية الاجتماعية تجاه الصحة تعد من الأولويات، لمساعدة الحكومات التي لا تستطيع بمحدودية مواردها رصد أو مكافحة كافة الامراض والاوبئة التي يمكن ان تنتشر أو تتزايد فيها، بما تحمله من تأثيرات سلبية على المجتمعات والاقتصاد“.

ومن التجارب المحلية للتعامل مع اضطراب ” التوحد” ؛ أكد رئيس جمعية رعاية وتأهيل مبدعي التوحد يوسف محمد ضمرة أهمية جهود المؤسسات والشركات الوطنية التي ساهمت لمساعدة الجمعية في تنفيذ برامجها منذ تأسيسها ربيع العام الماضي، مشيرا الى أن الخطط والبرامج بالتنسيق مع وزارة التنمية ومديرية غرب عمان ستمتد لتعظيم الفائدة لباقي انحاء الوطن خلال الأشهر المقبلة وفقا للامكانيات المتاحة.

وقال ضمرة “استراتيجية الجمعية لهذا العام تقوم على توطين المعرفة للكادر والاهالي، من خلال استقطاب الخبراء من دول العالم المتقدمة في مضمار التوحد وعقد الدورات بشكل مستمر لتمكين الامهات من أن يصبحن قادرات على التعامل مع اطفالهن“.

واوضح أن الجمعية تعمل بجد على ثلاثة برامج لمساعدة اطفال التوحد وذويهم وهي : برنامج الدمج المدرسي، تأهيل الاطفال وتنمية مهارات وتنمية مواهبهم الابداعية في الكمبيوتر والرسم، وعقد الدورات المستمرة لتأهيل أمهات اطفال التوحد لكي يكتسبن خبرة تدريبية متطورة للتعامل مع أطفالهن في البيت.

إلى ذلك؛ أشادت الخبيرة ” فنيسينتي” بتجربة جمعية رعاية وتأهيل مبدعي التوحد، لافتة إلى وجود حاجة لاستكمال كل جوانب العلاج مثل حاجة الجمعية لغرفة علاج طبيعي لمساعدة الأطفال والاهالي.

الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى