مقالات

المدير المالي .. ضابط الإيقاع في شركات التكنولوجيا الناشئة

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

ليزلي هوك من لندن

 

غالباً ما يبدو وادي السيليكون كأنه يدور فقط حول المؤسِسين. ماذا يقرأون، ماذا يأكلون، من يعرفون. لكن فيضا من الانشقاقات من وول ستريت إلى وادي السيليكون جلب الانتباه إلى دور مهم بالقدر نفسه، إلا أنه غالباً ما يتم تجاهله: كبير الإداريين الماليين. من يتصدّر الاتجاه هو كبيرة الإداريين الماليين السابقة في “مورجان ستانلي”، روث بورات، التي انضمت إلى ألفابيت في عام 2015، وكبير الإداريين الماليين السابق في “بلاكستون”، لورنس توسي، الذي انضم إلى شركة إيربنب في العام نفسه.

 لكن الذين يلعبون دوراً أكثر أهمية بكثير في الشركات الناشئة التي تنتشر في وادي السيليكون هم كبار الإداريين الماليين الأوائل. هؤلاء التنفيذيون يستطيعون تحديد دورهم، وغالباً ما يحصلون على مهام غير عادية مع نمو شركاتهم. قد يجمعون المال من المستثمرين وأحياناً يحوّلون كياناتهم إلى شركات عامة – وهو اختبارهم النهائي.

 ثلاثة من بين هؤلاء، كل واحد منهم كان الأول في شركته، يُقدّمون لمحة عما ينطوي عليه عملهم.

 أولهم سارة فريار. باعتبارها كبيرة الإداريين الماليين في شركة سكوير للمدفوعات المالية، تصل فريار إلى تشبيه رياضي لوصف ما تفعله. تقول “إن كونك كبير الإداريين الماليين هو مثل التجديف من المقعد السابع (الثاني من الأمام) في قارب من ثمانية مقاعد، إنه يُساعد على ضبط السرعة”. وتضيف “وظيفة المقعد السابع هي أخذ ما يفعله هذا الشخص المجنون هنا، وجعل جميع الآخرين في القارب يشعرون أنهم يستطيعون النجاح”. المقعد السابع هو ما كانت تجلس عليه في قارب التجديف أثناء الدراسة في جامعة أكسفورد. “أنا في الواقع أشعر أنه تدريب رائع لمكاني في شركة سكوير“.

 في هذه الحالة، الشخص الذي يضبط السرعة هو جاك دورسي، مؤسِس شركة سكوير، الذي يتولى الآن منصب الرئيس التنفيذي في كل من “سكوير” و”تويتر”. ومع أنه ترتيب غير عادي، ترى فريار أنه ناجح بشكل جيد. تقول “ما فعله أنه سمح لي بالتقدّم بطرق، ربما في دور كبير الإداريين الماليين التقليدي، لن أكون قادرة على فعلها”. لقد تولّت بعض المهام غير التقليدية منذ الانضمام إلى “سكوير” في منصب كبيرة الإداريين الماليين في عام 2012، حتى تشغيل البنية التحتية “مثل الخوادم وقواعد البيانات” في مرحلة ما. وتقول مازحة إن كلمة “تشغيل” قد تكون كلمة قوية جداً: “هي التي شغّلتني، قد تكون طريقة أفضل للتعبير عن الأمر“.

 فريار، المتحدرة من إيرلندا الشمالية، حوّلت “سكوير” إلى شركة عامة في الخريف الماضي، في الوقت الذي كانت فيه الشكوك تحوم حول تقييمات شركات التكنولوجيا في القطاع الخاص. سعّرت “سكوير” أسهمها أقل من المستوى الذي تم تقييمها فيه من قِبل المستثمرين في القطاع الخاص. لكن بعد أن تمت الخطوة، تبدو الآن خطوة ذكية: “سكوير” كانت واحدة من آخر الشركات الناشئة التي تنجز عملية الاكتتاب العام الأولي قبل أن يؤدي تقلّب السوق إلى إيقاف عمليات الإدراج الجديدة الأخرى لشركات التكنولوجيا.

 بعد أكثر من عقد مصرفية ومحللة في “جولدمان ساكس”، تقول فريار “كان من الغريب أن تكون على الجانب الآخر من الطاولة خلال جولة عملية الاكتتاب العام الأولي”. تضيف مع ابتسامة “إنه مثل القدر في عالم يضحك عليّ. لا شك أنني رأيت عملية الاكتتاب العام الأولي هذه من كثير من الزوايا المختلفة (…) ربما سأقول لشخصية المحللة السابقة التي بداخلي أن تكون أقل غطرسة قليلاً وأكثر صبراً بقليل“.

 

واحد من أكبر التغييرات من كونك مصرفيا هي أهمية التعيين وإدارة الأفراد. “سكوير” لم يكن لديها سوى 250 موظفا عندما انضمت إليها، الآن لديها 1500 موظف. تقول “إنك لا تقوم بالتعيين بهذه النوع من السرعة عندما تكون في مصرف“.

 

سكوير شركة غير عادية في عالم التكنولوجيا، لأن كثيرا من كبار الإداريين فيها من النساء ـ تقريباً ثُلثا موظفيها يتبعون لمديرات. تقول فريار “أنا لم أعمل في بيئة كانت متوازنة جداً”. في حياتها المهنية السابقة، تذكر أنها كانت محللة البرمجيات الوحيدة الموجودة من الجنس الآخر. الآن تشعر أحياناً بالقلق أن الرجال يتم استثناؤم قليلاً من الاجتماعات.

 مع ذلك، هي مُدافعة علنية عن مزيد من التنوع بين الجنسين في مجال التكنولوجيا. حتى مع التقدّم التدريجي لمجموعة من النساء البارزات “لا تستطيع إخفاء الأمر والتظاهر بأنه لا توجد قضية. من الواضح أن هناك قضية“.

 المثال الثاني هو ويل جايبريك، من شركة سترايب. باعتباره مُبرمجا سابقا، ومحللا ماليا، ومحاميا وصاحب مشاريع، يملك جايبريك سيرة ذاتية غير عادية لمنصب كبير الإداريين الماليين في سترايب، وهي شركة مدفوعات أخرى. مهاراته في البرمجة أصبحت ضعيفة: يعترف قائلاً “لست متأكداً من أنني أستطيع الحصول على وظيفة مهندس في سترايب”. لكن فهم الطريقة التي ينظر بها المهندسون إلى العالم هو الأساس لوظيفته. “يملك الموظفون الأساسيون لدينا، المطوّرون، منظورا فريدا جداً لكيف ينبغي أن يعمل العالم، الذي هو في حدود الفعالية، والمنطق، والسرعة، والوضوح. هذه ليست كلمات قد تنسبها دائماً إلى البنية التحتية المالية العالمية الحالية“.

 مثل مؤسسي “سترايب”، الأخوان جون وباتريك كوليسون من إيرلندا، جايبريك يملك مظهرا عقليا بشكل خفيف. بدايته مع شركة سترايب كانت بوصفه مستثمرا في الشركة – شركته لرأس المال المُغامر قادت جولة من جمع التمويل لشركة سترايب في عام 2014. الآن وقد أصبح داخل الشركة، يقول إن خلفيته في رأس المال المُغامر كانت “مفيدة جداً” – ولا سيما لأنه يعرف بالفعل المستثمرين الآخرين في “سترايب“.

 مع قيمة تبلغ خمسة مليارات دولار، سترايب هي شركة المدفوعات الناشئة ذات القيمة الأعلى في سان فرانسيسكو، وقائمتها من المستثمرين تتضمن شركات من الوزن الثقيل، مثل سيكويا، وكلاينر بيركنز، وفاوندرز فند. يقول “إن العلاقات مع المستثمرين لم تكُن جزءا من وظيفته حتى الآن، وهو أمر غير عادي بالنسبة إلى كبير الإداريين الماليين في شركة ناشئة. إبقاء قاعدة المستثمرين تلك ضيقة فعلاً له مزاياه”. الشركة، التي توفّر مطوّرين مع أدوات لقبول المدفوعات، لم تجمع أموالا جديدة منذ انضمام جايبريك إليها.

 

ويُقارن الفريق المالي “بطبقة ترجمة بين الواجهات الهشة والبيزنطية للبنية التحتية المالية العالمية” والواجهة النظيفة التي تُقدّمها “سترايب” لزبائنها. أما بالنسبة إلى أكبر تحدّ يواجهه في دوره الجديد، فهو إدارة الوقت. “الانضمام إلى منظمة توسعت بهذه السرعة، ينطوي على كثير من التغيير“.

 اللمحة الأخيرة عن دور كبير الإداريين الماليين يقدمها برايان روبرتس، من “ليفت”، شركة مشاركة ركوب السيارات التي تخوض منافسة مع “أوبر”. روبرتس وافد جديد إلى حد ما على الشركات الناشئة. فهو ينحدر من “مايكروسوفت” و”وولمارت”، وعمل لبعض الوقت مصرفيا مع شركتي “إيفركور” و”لازار فرير“.

 عندما انضم إلى “ليفت” قبل عام ونصف العام، كان هناك كثير من الأمور الأولى: أول مرة له في شركة ناشئة، وأول مرة يكون في “ليفت” منصب كبير الإداريين الماليين.

 يشعر روبرتس بسعادة غامرة من وتيرة النمو والسرعة التي يتم بها اتخاذ القرارات التنفيذية. يقول “ما أحبه في وظيفتي هو أنها تتعلّق بما هو أكثر من مجرد أرقام“.

 تحت أجواء الشعور الرائع في المقر الرئيسي لشركة ليفت “لون الشركة هو الوردي النيون، وشعارها شارِب”، أضاف روبرتس ثِقلا ماليا. عندما انضم إلى الشركة في عام 2014، كانت “ليفت” في المركز الثاني بفارق كبير عن “أوبر” وكانت قد جمعت 350 مليون دولار من المستثمرين. وساعد روبرتس في جمع ملياري دولار أخرى – بما في ذلك من شركة التجارة الإلكترونية الصينية، علي بابا، والمستثمر الناشط كارل إيكان.

 كثير من كبار الإداريين الماليين يمكن أن يرتعشوا من رؤية إيكان، المعروف بهجماته على الشركات. لكن روبرتس يقول “إن “ليفت” خاطبت إيكان أولاً”، مُضيفاً أن “المستثمر دخل شخصياً في نماذج “ليفت” المالية. تجده أحيانا يسأل أسئلة من قبيل: الخلية E84، ما هذا”؟

 مع ذلك، جمع التمويل في “ليفت” لم يكُن بدون صعوبات، بما في ذلك محاولات “أوبر” منع وصولها إلى رأس المال. في مرحلة ما، كانت “أوبر” قد طلبت من المستثمرين المحتملين توقيع اتفاقية لعدم الاستثمار في تطبيقات أخرى لاستدعاء سيارات الأجرة، بما في ذلك “ليفت” و”هايلوط، قبل أن تسمح لهم برؤية أرقامها المالية. يقول روبرتس “أنا لم أر قط أي شيء مثل ذلك. لقد كان من المثير للدهشة أن هناك شخصا يقول (إنه سوق، الفائز يأخذ كل شيء) ويحاول حرفياً منع المستثمرين من التحدّث إلينا”. انتهت صلاحية تلك الاتفاقيات في الغالب، مع أن المنافسة لا تزال مستمرة.

 من بين التحدّيات التي تأتي مع حياة الشركات الناشئة هي أنها “شخصية” أكثر من الوظائف السابقة. “المستويات المرتفعة أعلى بكثير والمستويات المنخفضة أقل. إذا لم يجر شيء ما كما تريد، فإنك تأخذ الأمر بشكل شخصي“.

 كما يُسلط الضوء على فجوة العمر أيضاً: روبرتس، البالغ من العمر 47 عاماً، يقول إن متوسط أعمار موظفي “ليفت” أقرب إلى عمر ابنتي مما هو إلى عمري. لكنه يرى الجانب المُشرق. “حتى سن معيّنة، تكون قادرا على إيقاف الواقع بحيث تكون فقط مُبدعاً وتمارس العصف الذهني. من ذلك، 80 في المائة لن يعمل، لكن 20 في المائة تُعتبر رائعة تماماً”. ووظيفته هي أخذ الأفكار الجيدة والتأكّد من تحقيقها.

البيان الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى