مقالات

حظر «واتساب» يشيع مخاوف عودة الرقابة في البرازيل

شارك هذا الموضوع:


هاشتاق عربي
قبل لحظات من دخول الحظر المؤقت لتطبيق “واتساب” حيز التنفيذ في كل أنحاء البرازيل هذا الشهر، سيطر الذعر على أكبر بلد في أمريكا اللاتينية.

قامت العائلات بالاتصال بأحبائها، والشركات بإجراء الترتيبات في اللحظة الأخيرة مع المزوّدين، والأطباء سارعوا إلى إرسال معلومات اتصال بديلة في حالة الطوارئ للمرضى.

مع نحو 100 مليون مستخدم، خدمة الرسائل المملوكة لـ”فيسبوك” هي التطبيق الأكثر شعبية في البرازيل – شهادة على النمو السريع لملكية الهاتف الذكي ووسائل الإعلام الاجتماعية حتى في الوقت الذي يغرق فيه الاقتصاد في أسوأ حالة ركود منذ أكثر من قرن.

مع ذلك، يقول محللون إن أية خطوة من جانب القضاة البرازيليين لحظر خدمة الرسائل بزعم أنها غير متعاونة مع تحقيقات الشرطة تُهدد نمو القطاع وتُشير إلى تحوّل مُثير للقلق نحو شكل من أشكال مراقبة الإنترنت.

يقول فيرناندو ستاشيني، الشريك في “موتا، فيرنانديز روشا” للمحاماة، “إن هذا يولّد شعورا كبيرا بعدم الأمان في القطاع ويُحبط التطبيقات الأخرى من إقامة مكان لها في البرازيل”.

مارك زوكربيرج، مؤسس “فيسبوك” والرئيس التنفيذي للشركة، عبّر عن رأيه، قائلاً: “الفكرة أنه يُمكن حرمان الجميع في البرازيل من حرية التواصل بالطريقة التي يُريدونها هي مُخيفة جداً في بلد ديموقراطي”.

تفاصيل القضية ليست علنية، لكن يقول محللون إن قاضي في ولاية سيرجيبي، في الشمال الشرقي، طلب من شركات الاتصالات حجب تطبيق “واتساب” لمدة 72 ساعة هذا الشهر، بعد أن رفضت الشركة الإفصاح عن الرسائل المُرسلة بين تجّار المخدرات – وهو حظر تم إلغاؤه بعد 24 ساعة من قِبل محكمة أعلى.

في آذار (مارس) الماضي، كان القاضي نفسه قد سجن دييجو زودان، نائب رئيس شركة فيسبوك لمنطقة أمريكا اللاتينية، لمدة 24 ساعة للسبب نفسه.

في قضية منفصلة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، فرض قاض في ساو برناردو دو كامبو، بالقرب من ساو باولو، حظراً لمدة 48 ساعة على تطبيق “واتساب” بعد عدم امتثاله للقرارات القضائية للإفصاح عن المعلومات في التحقيقات الجنائية.

النمو السريع للمنصات مثل “واتساب” جعل وسائل الإعلام الاجتماعية بمثابة أداة لا تُقدّر بثمن في التحقيقيات الجنائية ووضع القطاع في مركز جدل قديم حول الخصوصية مقابل الأمن.

في عام 2015، ارتفع عدد مستخدمي “فيسبوك”، وتطبيق مشاركة الصور التابع له “إنستاجرام” و”سناب شات” بنسبة 7 في المائة، و15 في المائة و26 في المائة على التوالي، مقارنة بالعام السابق لأن عدد الأُسر البرازيلية التي لديها هاتف ذكي واحد على الأقل ارتفع من 55.5 في المائة إلى 60.3 في المائة، وذلك وفقاً للبيانات المُقدّمة من وكالة يورومونيتور.

الشركات في الولايات المتحدة تواجه مآزق مماثلة. هذا العام، وزارة العدل الأمريكية لاحقت شركة أبل لاستخراج البيانات من جهاز آيفون لأحد القاتلين في هجمات سان بيرناردينو.

بموجب قانون الإنترنت الجديد في البرازيل، “ماركو سيفيل”، الذي دخل حيّز التنفيذ في عام 2014، أصبحت شركات الاتصالات ومواقع الإنترنت مُجبرة على تزويد السلطات بمعلومات حول أصحاب البيانات – معلومات حول من اتصل بمن ومتى – لكن ليس محتوى المسجات المُرسلة على منصات الرسائل.

وكان رد شركة واتساب أنها لن تكون قادرة على كشف محتويات الرسائل المُرسلة عبر تطبيقها حتى لو أرادت ذلك. حيث أنهت هذا العام عملية طرح تشفير بين طرفين، الذي يضمن أنه لا يُمكن قراءة الرسائل إلا من قِبل المرسل والمُتلقّي.

كشف محتوى الرسائل هو ضد القانون في الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لكاتيتزا رودريجويز من مؤسسة الحدود الإلكترونية، وهي مجموعة الحقوق الرقمية القائمة في سان فرانسيسكو.

قانون خصوصية الاتصالات الإلكترونية في الولايات المتحدة يمنع الشركات من كشف الرسائل بدون أمر قضائي صادر من أحد القضاة. بالتالي، يجب أن يطلب القاضي البرازيلي المساعدة من خلال معاهدة للمساعدة القانونية المتبادلة.

تقول مؤسسة الحدود الإلكترونية، “لا يُمكن أن يتوقع القضاة من الشركات انتهاك قوانين الرياضيات، ولا إعادة كتابة تطبيقها بالكامل بأثر رجعي لتحقيق أهداف النائب العام”.

“ولا يُمكن أن يتوقعوا من تلك الشركات أيضاً الدخول عمداً في التناقضات القانونية، حيث الامتثال لأمر محكمة في إحدى البلدان يمكن أن يجعلها تنتهك القانون في بلد آخر”.

يقول محللون إن الصعوبات التي يواجهها “واتساب” في البرازيل مُعقدة أكثر بسبب الخصائص القانونية والسياسية. أي قاض محلي – الذين يوجد منهم أكثر من 15 ألفا – يستطيع حجب أي تطبيق. يقول لويز مونكاو في إف جي في ديريتو ريو، معهد التعليم العالي، إن الكثيرين لا يفهمون كيف يعمل التشفير، ولا يستطيعون تقييم أثر مثل هذا القرار على البلاد ككل.

في الوقت نفسه، يقول بعض المعلّقين إن شركات الاتصالات المحلية تحاول استغلال مشاكل “واتساب”. حيث كانت تحتج من باب التعاطف لكن يبدو أنها تعلّمت البقاء صامتة لأن مثل هذه الإغلاقات مُفيدة لخدمات الرسائل الخاصة بها، وذلك وفقاً لرونالدو ليموس من معهد ريو للتكنولوجيا والمجتمع، وهو مؤسسة فكرية. يُضيف أن صمت تلك الشركات يُشجّع السلطة القضائية.

يقول الأستاذ ليموس، إن القضاة وجدوا الدعم بين المشرّعين الذين يشعرون بعدم الراحة على نحو متزايد من الشفافية التي توفّرها وسائل الإعلام الاجتماعية في الوقت الذي يتورّط فيه الكثيرون في فضائح الفساد.

قبل الإغلاق الأخير، كان الكونجرس يُناقش عددا من القوانين المقترحة، أحدها من شأنه أن يمنح القضاة السلطة لحجب أي موقع إلكتروني على الفور. بعد الغضب العام بسبب حظر تطبيق واتساب، تضمنت تلك القوانين بندا يستثني خدمات الرسائل، وهو ما يعني من الناحية العملية حماية “واتساب” من الإغلاقات في المستقبل. في حين أن مشروع القانون يَعِد بأن يفيد “فيسبوك”، إلا أن ليموس يقول إنه يُمكن أن يكون له آثار كارثية على بقية الصناعة، بتحويل الإنترنت التي كانت حرّة ومفتوحة ذات مرة في البرازيل إلى فوضى من الرقابة والقيود التعسفية.

ويضيف أن “الهدف الأصلي للقانون لا يزال موجودا. إذا تم إقراراه، فإن الكثير من البلدان ستنظر بعين الحسد إلى النظام البرازيلي”.

الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى