ريادة

كيف تنجح في إدارة “عمل إضافي” يعود عليك بالنفع؟

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي
تروق للكثيرين فكرة أن يكون لديهم عمل إضافي بجانب عملهم الأصلي. وفي السطور التالية، نستعرض كيف يمكن أن يضمن المرء نجاح هذه الفكرة.
خلال ساعات دوامها المعتادة في نهار كل يوم، تعمل روبين أونيل سميث مسؤولةً عن الحاسبات الآلية ونظم المعلومات في إحدى مدارس المنطقة التي تعيش فيها بولاية بنسلفانيا الأمريكية.
ولكن بعد انتهاء الدوام، تعكف هذه السيدة على كتابة موضوعات تُنشر بأسماء كتاب آخرين، كما تتولى إعادة تحرير تدوينات يكتبها مدونون على شبكة الإنترنت، وهي أنشطة إضافية بدأتها قبل عامين، وتدر عليها حالياً دخلاً إضافياً يصل إلى نحو ألف دولار أمريكي شهرياً.
وتقول سميث (56 عاماً) إنها كانت قد بدأت امتهان عملٍ إضافي يتمثل “في الإشراف على (ما يُنشر على) مواقع للتواصل الاجتماعي، لكن بدا أن هناك طلباً أكبر على المتخصصين في الإشراف على الموضوعات التي تُنشر على المدونات، مقارنة بما يُنشر على موقعيّ فيس بوك وتويتر. ولذا، بدأت بعميل واحد في هذا الشأن، وسرعان ما أضافت إليه عملاء آخرين”.
ولولا ضيق وقت الفراغ المتاح لها، ربما كان سيتسنى لهذه السيدة زيادة دخلها من عملها الإضافي. وتقول في هذا الشأن: “لا توجد سوى ساعات معدودة في اليوم أستطيع الكتابة فيها، نظراً لأنه لا تزال لديّ وظيفة أخرى بدوام كامل”. وتشير إلى أنها استعانت بمساعدين مدفوعي الأجر “وبمجرد أن يكتمل تدريبهم، سأتعاقد مع بضعة عملاء جدد”.
ففي بيئة اقتصادية جديدة تحفل بـ”الأعمال الإضافية”، بات المضي على هذا الدرب أكثر يسراً من أي وقت مضى. ففي الولايات المتحدة، يفيد مؤشر يحمل اسم “ستابيلس أدفانتيدج وورك بلايس إنديكس” بأن 12 في المئة من العاملين بدوام كامل لديهم عملٌ آخر إضافي مستقل لا يرتبطون فيه بعقد دائم مع أرباب عملهم.
أما في المملكة المتحدة، فيبلغ عدد هؤلاء ما يُقدر بـ 1.88 مليون شخص. وفي سوق العمل بالاتحاد الأوروبي، زاد عدد من يمتهنون أعمالاً إضافية، لا يرتبطون فيها بعقود دائمة مع أرباب العمل، بنسبة 45 في المئة خلال الفترة ما بين عامي 2004 و2013.
وتشكل هذه الأرقام مؤشراً جيداً على أن عدداً متزايداً منّا باتوا يجربون السير على هذا الطريق، مع أنه لا يمكن اعتبار كل عمل إضافي بمثابة “عمل حر لا يرتبط فيه المرء بعقد دائم مع رب عمله”، وكذلك رغم أن بعض من يمتهنون هذه الأعمال يعملون فيها بدوام كامل.
على أي حال، فإذا كنت تفكر في أن تجرب ذلك بنفسك، هناك بعض الأمور التي يتعين عليك وضعها في الحسبان في هذا الشأن.
طبيعة متطلبات خوض هذه التجربة: يحتاج المرء هنا إلى أن يكون مُفعماً من داخله بالحماسة والدوافع، وأن يجيد القيام بالعديد من المهام في وقت واحد، وأن يكون لديه وقت فراغ.
وفي هذا الصدد، يقول سام ماكنتَير، مؤسس موقع “ديسك برايت”، وهو منصة إليكترونية للراغبين في تعلم المهارات المهنية والتجارية مقرها الولايات المتحدة: “يتطلب إطلاق نشاط اقتصادي جديد الكثير من العمل، سواء كان الأمر يتعلق بإنشاء شركة تبلغ ميزانيتها ملايين الدولارات، أو بمجرد بيع قبعات على موقع إتسي” للتجارة الإليكترونية في المنتجات العتيقة أو المصنوعة يدوياً.
ففي حالة بيع القبعات، يحتاج المرء – كما يضيف ماكنتَير – إلى “تصميم القبعات، وتحديد المنصة (الإليكترونية) التي سيبيعها من خلالها، وكذلك إلى تحديد كيفية تسويقها”.
ويمضي الرجل قائلا: “هناك وقت طويل توظفه في هذا الشأن”. ولذا فإذا كنت مضغوطاً من الأصل في عملك الأساسي إلى حد يشغل وقتك بالكامل تقريباً، فربما لا يكون هذا هو الوقت المناسب لكي تمضي على طريق امتهان عمل إضافي.
ويتعين على المرء أن يسأل نفسه عن السبب الذي يحدو به لبدء نشاط مهني جديد؛ فهل الأمر مرتبط فقط بالحصول على دخل مالي إضافي؟ أو أنه يعود إلى شغفٍ تُكنه بداخلك حيال شيء ما، وتريد أن تتشارك فيه مع العالم؟ أم أنك تبدأ مثل هذا النشاط آملاً في أن يصبح عملك الأصلي بدوام كامل في مرحلة ما في المستقبل؟
وبمجرد الإجابة عن هذه الأسئلة؛ “يصبح بوسعك البدء في تكوين” نشاطك المهني الإضافي؛ كما تقول جوديث لوكُمسكي، مُؤَسِسَةْ “ترانزيشنز توداي”؛ وهي شركة بولاية كاليفورنيا الأمريكية تعمل في مجال تقديم المشورة فيما يتعلق بتدريب العاملين وتطوير قدراتهم وتقييم أدائهم.
كم من الوقت تحتاج للتحضير: يعتمد الأمر في هذا الصدد، على طبيعة النشاط المهني أو الاقتصادي الذي تعتزم العمل فيه.
وهنا يقول دارِين فِل، أحد المديرين التنفيذيين لشركة “كرنش”، وهي شركة محاسبة إليكترونية تعمل في المملكة المتحدة: “بالنسبة للبعض، يكون الأمر بسيطاً، إلى حد أنه لا يحتاج سوى إلى إنشاء موقع إليكتروني، وتسجيل هذا النشاط لدى هيئة العوائد والرسوم الجمركية (في بريطانيا)، واقتطاع بعض الأموال لأغراض التأمين، وبعدها يصبح بوسعك المضي قدماً.”
لكن الأمر يختلف بالنسبة لآخرين، ممن سيحتاجون – كما يقول فِل – إلى “مزيد من الإجراءات الروتينية والأعمال المكتبية، وكذلك المزيد من التخطيط والتحضير”.
وهنا يحتاج منك الأمر وقتاً كافياً لبلورة خطة عمل أوليّة على الأقل، ولإجراء أبحاث بشأن مسألة تسعير المنتج أو الخدمة التي ستقدمها، وكذلك للتفكير في طبيعة الجمهور الذي ستحاول بيع سلعك أو خدماتك له، والكيفية التي يمكنك الوصول بها إلى هذا الجمهور.
ومع ذلك، لا يتعين عليك بالضرورة إرجاء بدء ممارسة نشاطك الجديد، لحين استكمال كل التحضيرات، والتيقن من أنها باتت في أفضل صورة.
وتقول روبين أونيل سميث: “ظننت أنه سيتعين عليّ تعلم كل شيء ممكن عن وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن أبدأ العمل لصالح أحد من ينشرون موضوعاتهم فيها. ولكن كانت لديّ طيلة الوقت مهارات قابلة للتسويق في مجالي الكتابة والتحرير. كما أن الأشياء تتغير باستمرار، لذا فعلى المرء أن يحزم أمره ويبدأ” نشاطه المهني المستقل الذي يرغب فيه.
قم بذلك الآن: عليك أن تضمن وجود مشترٍ لما ترغب في بيعه من سلع أو في تقديمه من خدمات.
وفي هذا الشأن؛ يمكن الاستعانة برؤية روبرت غِريش؛ مؤسس “فلاينغ سولو”، وهو موقع إليكتروني استرالي يستهدف تشجيع الراغبين في اتخاذ مبادرات فردية غير تقليدية في المجال المهني، والذي يقول: “لا يجري الناس أبحاثاً كافية بشأن ما إذا كان هناك بحق سوق قابل للحياة والنمو، لما يعتزمون بيعه أو تقديمه، سواء كان سلعاً أو خدمات”.
ويضيف غِريش، وهو أيضاً أحد مؤلفيٍ كتاب يحمل اسم “فلاينغ سولو”، بالقول: “غالباً ما يقول الأصدقاء والأقارب ‘فكرة عظيمة’، ولكن في الأغلب الأعم، لا يُكرس الوقت الكافي للمرحلة الحاسمة المتعلقة بالتخطيط (للمشروع)”.
وهناك العديد من الوسائل الكفيلة بالتحقق مما إذا كان هناك بالفعل سوق لاستيعاب منتجٍ ما. إذ يمكن توفير هذا المنتج لعينة منتقاة من المستهلكين، قبل الموعد المحدد لطرحه، أو أن تُوفر إمكانية حجزه مسبقاً قبل موعد الطرح أيضا.
كما يمكن هنا الاستعانة بصفحات إليكترونية إعلانية، تُفتح بشكل تلقائي عند تصفح مواقع بعينها على شبكة الإنترنت، وجمع عناوين بريد إليكتروني لمستهلكين محتملين عبر هذا الأسلوب. ويوجز ماكنتَير هذه الفكرة بالقول: “ثمة الكثير من الطرق للتعرف على مدى اهتمام المستهلك (بمنتجٍ ما) قبل تكريس كل هذا الوقت له”.
حدد ملامح مشتري سلعتك أو متلقي خدمتك: دائما ما يثور السؤال: من هو الشخص الذي سيشتري منتجك أو يهتم بالخدمة التي تقدمها؟ للإجابة على هذا السؤال؛ تنصح جوديث لوكُمسكي بالقول: “أحد التدريبات المفيدة في هذا الشأن، تتمثل في أن توضح كتابةً (ملامح) العميل الرئيسي بالنسبة لك، وأن تكون مُحدداً بحق في ذلك”.
وتمضي قائلة إن المرء يمكن أن يكتب هنا مثلاً أن عميله الرئيسي شخصٌ يُدعى كريس، ثم يخلق تفاصيل حياة مفترضة لهذا الشخص، قبل أن يحدد الكيفية التي سيسعى من خلالها لكسبه “وهو أمر أكثر قليلاً من مجرد القول ‘سأسعى لاستهداف شريحة النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 35 و55 عاماً'”.
راجع بنود عقد العمل الخاص بوظيفتك الأصلية: إذا ما كان لديك بالفعل وظيفة بدوام كامل، فإنك ستكون حريصاً على ألا تخاطر بفقدانها، جراء انتهاك أي بنود قد تكون مسطورة في عقد العمل الخاص بها بحروف صغيرة.
فوفقا لما يقوله دارِين فِل: “يمكن أن تجد فقرة (في العقد) تحظر عليك العمل في ساعات المساء أو خلال العطلة الأسبوعية”. وينصح فِل هنا بأخذ مشورة إدارة الموارد البشرية، قائلاً إن العاملين في هذه الإدارة غالباً ما يتعاملون مع مثل هذه الاستشارات “بتكتم وحرص على الخصوصية”.
وإذا ما كان المرء يعتزم العمل بشكل مستقل، في النشاط نفسه الذي تعمل فيه شركته الأصلية المرتبط معها بعقد دائم، فعليه هنا التحقق من عدم وجود بنود في عقده تحظر عليه القيام بذلك.
أحصل على طلبيات عمل أولاً: يمكننا هنا استعراض تجربة تِس فرام، التي أنشأت موقعاً وشركة تعمل في مجال إعداد المواد الترويجية للإعلان عن منتج أو خدمة معينة، وتوزيعها.
تقول فرام: “ساورني القلق كثيراً بشأن كيفية إنشاء موقعي الإليكتروني، وكذلك حول كيفية إرسال المواد للعاملين لديّ بالقطعة؛ والإيصالات الخاصة بمستحقاتهم، وكيف سيمكنني أن أدفع لهم هذه المستحقات.
وتضيف: “لكن تركيزي كان يجب أن ينصب على جلب مزيد من العملاء أولا. فما من حاجة لأن تنشئ موقعاً إلكترونياً إذا لم يكن لديك عملاء من الأصل”.
لا تهدر وقتك في التوافه: هنا يقول دارِين فِل ناصحاً: “نَظِمْ وقتك بشكل صحيح، وسترى قفزات هائلة في إنتاجيتك.. فلتسأل نفسك عما تريد إنجازه على مدار الشهرين المقبلين، أو لِتضع قائمةً تتضمن الأهداف التي ترغب في تحقيقها أسبوعياً”.
سيساعدك ذلك على ألا تحيد عن طريقك، ويحول دون أن تنهمك في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي بلا توقف، في الوقت الذي يُفترض أن تكون فيه منهمكاً في العمل.
لِترجئ بعض الأمور: حدد إيقاع عملك، ولا تنس أنه لا يزال لديك عملٌ أصلي له ساعات دوامه. ويقول فِل: “لا تسرف في الوعود، وتتعامل مع عدد أكبر من اللازم من العملاء في الوقت نفسه، وإلا ربما ستعاني كي تستطيع الموازنة ما بين تلبية الطلبات (التي تأتيك من مصادر) متنافسة”.
ويضيف الرجل بالقول: “كن صريحاً مع عملائك بشأن التزاماتك الأخرى، لئلا تصيبهم خيبة الأمل، عندما لا تستطيع تلبية متطلباتهم خلال ساعات عملك” في وظيفتك الأصلية.
كن مستعداً لدفع الضرائب: من الرائع أن يربح المرء أموالاً إضافية من امتهان عمل آخر بجانب عمله الأصلي. ولكن هذا سيرتب عليه، على الأرجح، مزيداً من الضرائب المستحقة.
ففي المملكة المتحدة، كما يقول فِل، ينبغي على المرء إبلاغ هيئة العوائد والرسوم الجمركية بأنه بصدد بدء نشاط جديد، ليتسنى له ملء النموذج الخاص بـ”التقييم الذاتي” لدخله، لكي يتم تحديد الضرائب المستحقة عليه بدقة، ومن ثم يقوم بتسديدها.
ويضيف فِل إن اتخاذ هذه الخطوات أمرٌ واجب قانوناً “بمجرد أن يبدأ نشاطك (الجديد) في أن يُدر عليك أموالاً”. وبوسع المرء استشارة خبير في شؤون الضرائب، أو الحصول على مزيد من المعلومات عبر إجراء عمليات بحث على شبكة الإنترنت في مواقع تتعامل مع هذه المسائل.
كن واقعياً: لا تتوقع حدوث ازدهار كبير لنشاطك المهني أو الاقتصادي الجديد؛ بين عشيةٍ وضحاها. فكما يقول روبرت غِريش: “لدى عدد كبير للغاية من البشر؛ توقعات غير واقعية بشأن مدى سرعة تطور الأمور، وغالباً ما يستغرق ذلك وقتاً أطول”.
تَحلّ بالذكاء: لا تنس أن تستمتع بوقتك؛ إذ أن امتهان عمل إضافي أو إطلاق مشروع جديد، لا يستهدف كسب المال فحسب، بل ينطوي على “جوائز ومكافآت هائلة” كما يقول ماكنتَير.
ومن بينها؛ كما يقول، أن تكون لديك الاستقلالية، وأن تعمل على “بناء شيء ما، وأن تمتلك كل ما له صلة بمشروعك. هذه كلها أمورٌ تحفز المرء بشكل هائل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى