مقالات

” أبل ” تعيش في عالمها الخاص

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

لوعدنا بالتاريخ إلى بداية تأسيس شركة آبل عام 1976 لوجدنا أن الهدف الأساسي لستيف جوبز ورفاقه كان إنشاء حاسب آلي صغير بغية جعل هذه الأجهزة مُنتشرة في كُل مكان.
ولو استعرضنا الأحداث التي تلت التأسيس بشكل سريع لوجدنا أن نظام التشغيل لم يكن الأولوية القصوى لستيف أو رفاقه في ذلك الوقت.
لن أُطيل الحديث عن تاريخ تأسيس الشركة أو الأحداث التي رافقت هذه الخطوة، إلا أنها تُعطي لنا فكرة على أن شركة آبل أُسست لتكون شركة لتصنيع الحواسب أولًا لتأتي أنظمة تشغيلها ثانيًا. ستيف جوبز في العقد الأول من الألفية الجديدة كان له رأي مُغاير تمامًا حينما صرّح في يوم من الأيام أن آبل شركة برمجيات في المقام الأول.
وبشكل عام لا تشتري آبل أي تصميم أو جهاز بشكل كامل من الشركات، إنما تقوم بتصميم الجهاز وعتاده الداخلي مع تصميم معمارية هذا العتاد وتفاصيله كالمعالج والذاكرة العشوائية لتقديمها للشركات المُهتمة في تحويل هذه التصاميم والمعماريات إلى واقع تجاري ملموس يُمكن استخدامه داخل أجهزة آبل ولعل هواتف آيفون وحواسب آيباد اللوحية خير مثال على ذلك.
أما من ناحية أنظمة التشغيل فكل شيء يتم بشكل داخلي ومُهندسي آبل يقومون بكتابة الشيفرات البرمجية دون تدخّل من أية جهة خارجية، وبالتالي يُمكننا القول أن آبل تعيش في عالمها الخاص المُغلق إلى حد ما على عكس شركات ثانية أكثر انفتاحًا مثل جوجل، إتش تي سي، هواوي، سامسونج أو حتى ون بلس وغيرهم الكثير.

لأول مرّة منذ فترة طويلة تُفرد آبل مؤتمرًا كاملًا للحديث عن أنظمة التشغيل فقط، دون أن يتخلله حديث عن جهاز جديد قادم في وقت لاحق، أو مشروع جهاز جديد حتى، فمؤتمر الشركة الأخير الذي عُقد في شهر يونيو/حزيران تحدّث عن أربعة أنظمة تشغيل هي iOS، watchOS، macOS بالإضافة إلى tvOS.
ما تقوم به آبل في السنوات الأخيرة هو الطيران في فضائها الخاص فقط دون النظر إلى ما حولها، وهي ممارسة جيّدة من جهة، وسيئة من جهة أُخرى. فالشركة لا تُوفّر نظام تشغيل دون أن يعمل على أجهزتها الخاصّة، ولا توفّر جهاز دون أن يعمل بأحد أنظمة تشغيلها. ليس هذا فقط، بل حتى الميّزات الموجودة داخل هذه الأجهزة لم توفرها الشركة – حتى هذه اللحظة على الأقل – لأنظمة تشغيل ثانية على عكس البقية.
ترى آبل أن أنظمة تشغيلها من أفضل السُبل لدفع عجلة ومبيعات الأجهزة، فلو أخذنا على سبيل المثال حواسب ماك ونظام تشغيلها macOS لوجدنا أن التحديثات السنوية لهذه الأجهزة مجانية، صحيح أن المُستخدم دفع ثمنها بالفعل عند شراء الجهاز، إلا أن الشركة لم تسر على نهج مايكروسوفت التي تُطالب بمبالغ مادية لإجراء تحديثات من إصدار إلى آخر.
ما تقوم به مايكروسوفت ليس طمعًا، بل لأنها شركة برمجيات في المقام الأول، وبدون الحصول على ثمن النسخ لن يكون بمقدورها أبدًا الاستمرار لفترة طويلة في توفير نظام تشغيل قوي قادر على المُنافسة في السوق. أو إن صحّ التعبير، نظام تشغيل قوي مازال قادرًا على إيقاف زحف نظام لينكس الذي لو توفّرت له 50% من موارد مايكروسوفت لدخل السوق بقوّة أكبر.
في المُقابل تعتمد شركات ثانية مثل فيسبوك، تويتر أو جوجل على الإعلانات كركيزة أساسية في مصدر الدخل، وبالتالي نجاح نظام أندرويد على سبيل المثال أو فشله لن يضر جوجل بشكل كبير جدًا لأن مصادر دخلها متنوعة.
بالعودة إلى آبل فالشركة تعتمد مبدأ الحلقة المُغلقة، فهي توفر أنظمة تشغيل بميّزات خاصّة ينفرد بها مُستخدمو تلك الأجهزة، مثل خدمة آي مسج iMessage للمحادثات الفورية، التكامل بين نظامي آي أو إس وماك أو إس، أو حتى سيري المُساعد الرقمي الموجود على جميع أجهزة الشركة دون استثناء.
توفير هذه الميّزات على الأجهزة يُساهم ولو بشكل بسيط في دفع عجلة مبيعاتها، فعندما سئل أحد المُسؤولين في الشركة عن نيّتها في توفير آي مسج لأنظمة أندرويد كانت إجابته النفي القاطع كدليل على عدم الرغبة في الذهاب إلى مكان آخر – مثل أندرويد – على الرغم من إمكانية مُساهمة مثل هذه الحطوة في تسريع عمليات تعليم الآلة ذاتيًا التي تُعتبر من أهم صيحات العصر الحالي.
ويُمكننا تناول ساعة آبل الذكية كمثال على الانغلاق أيضًا، فهذه الساعة لا يُمكن مزامنتها – بشكل رسمي – إلا مع هواتف آيفون، وبالتالي للاستفادة القصوى من الساعة يجب امتلاك هاتف من تصنيع الشركة نفسها، وهُنا تكمن خطورة مثل هذه المُمارسات.
لو ظهر مُنتج بفكر جديد مُختلف عن الموجود في الأسواق ولا يدعم أنظمة آبل على اعتبارها تسير في اتجاهها الخاص، أو لو ظهرت فكرة جديدة في نظام تشغيل أندرويد أو حتى ويندوز موبايل غير موجودة في آي أو إس، فالغلبة ستكون للبقية بكل تأكيد لأن آبل لم تلعب بسياسة ” شد ورخي الحبل ” وتعنّتها هذا قد لا يُجدي نفعًا عندما تتسارع الأحداث، فأجهزة لا تتزامن إلا مع أجهزة ثانية من نفس الشركة، وأنظمة تشغيل لا تتخاطب إلا مع أنظمة تشغيل من نفس الشركة نقطة مُحرّكة الآن، لكن في المُستقبل قد تنقلب الأمور رأسًا على عقب.

المصدر : عالم التقنية

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى