مقالات

للمرة الأولى .. 100 مليار دولار إيرادات «جوجل» العام المقبل

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي- ريتشارد ووترز من سان فرانسسكو

بعد عام من مفاجأتها العالم بالإعلان أنها ستحوّل نفسها إلى شركة التكنولوجيا القابضة “ألفابيت”، الشركة المعروفة سابقاً باسم جوجل لا تزال تعمل على تحوّلها.

مهمة تعديل محفظتها الاستثمارية الخاصة بالرهانات طويلة الأمد وتوزيعها في مجموعة صغيرة من الأقسام المميزة والمستقلة – ومن أي قسم، إن وجد، ستتخلص – لم تكتمل. كذلك الأسس المالية لمثل إعادة الهيكلة هذه لم يتم طرحها.

المؤسسان، لاري بيج وسيرجي برين، جنباً إلى جنب مع رئيس مجلس الإدارة، إريك شميدت، وكبيرة الإداريين الماليين، روث بورات، لا يزالون يحاولون العمل على نماذج الأعمال لبعض الرهانات، وتحديد الأهداف المالية، بحسب أشخاص مُطّلعين على العملية.

كذلك من غير الواضح متى ستؤتي بعض المشاريع، مثل السيارات بدون سائق وفرع الرعاية الصحية الذي يحاول إبطاء الشيخوخة، ثمارها، على الرغم من أن أقدم المشاريع قائمة منذ ما يُقارب عقدا من الزمن. وليس هناك دليل خارجي حتى الآن حول كيف ستُقرر ألفابيت أين تضع رهاناتها، أو إلى أي مدى ستكون واسعة النطاق.

بيج نفسه كان يستثمر بشكل خاص في الشركات الناشئة خارج الشركة، خصوصا في محاولة بناء السيارات الطائرة – وهي فكرة بعيدة المنال جداً حتى بالنسبة لشركة جوجل السابقة، التي دائماً ما تعتز بأنها تتصدى لأكبر وأخطر الأفكار.

لكن لم يعمل أي من هذا على إحباط المزاج العام بين المستثمرين في ألفابيت. ولا تزال وول ستريت مستعدة تماما للتساهل مع بيج وبرين ـ أسهم الشركة ارتفعت 45 في المائة خلال فترة الـ 13 شهراً التي انقضت منذ أن أظهر الرجلان أول مرة علامات تشير إلى جلب قواعد إدارية أكثر صرامة لمجموعتهما مترامية الأطراف ذات المشاريع “الابتكارية بعيدة المدى”.

قال مارك ماهاني، المحلل في “آر بي سي كابيتال ماركيتس”: “تاريخ الإنترنت مليء بالناس الذين لم يضعوا أي رهانات مثل هذه ودمّروا قيمة المساهمين”. وقال إن ياهو وأمريكا أون لاين وإيباي هي من بين الشركات من الموجة الأولى للإنترنت التي تراجعت أهميتها لأنها فشلت في التفكير بجدّية بما فيه الكفاية حول مستقبلها على المدى البعيد.

ولدى وول ستريت سبب آخر للتساهل مع مؤسسي جوجل، هو أن وتيرة أعمالها الأساسية للإنترنت تصاعدت في الأرباع الأخيرة، لتُعزّز بشكل غير متوقع الإيرادات وترفع هوامش الربح.

ويقول المُطّلعون إن هذا جزئياً بسبب تركيز جديد في قسم جوجل في عهد رئيسه الجديد، ساندر بيشاي. كبار التنفيذيين في جوجل لم يعودوا مشتتين بسبب الاهتمامات الشخصية لبيج – التي تصل أحيانا إلى حد الهوس – في المشاريع بعيدة المدى التي ليست لديها صلة تذكر بأعمال الإعلانات على الإنترنت التي لا تزال تولّد أكثر من 99 في المائة من إيرادات الشركة.

ومهما كان السبب فقد تم إعادة تنشيط آلة المال في ألفابيت. في الربع الثاني من هذا العام، تفوّقت جوجل على منافستها القديمة مايكروسوفت في الإيرادات للمرة الأولى، وول ستريت تتوقع أن تتجاوز إيراداتها 100 مليار دولار للمرة الأولى في العام المُقبل.

مع ذلك، لا يضمن أيّ من هذا أن بحثها عن مستقبل بعيد المدى يتجاوز الإعلانات على الإنترنت سوف يُحقق النتائج – أو أن ما يُقارب 3 في المائة من الإيرادات التي تُنفق على ما تُطلِق عليه “رهاناتها الأخرى” لن تكون أموالا ذهبت هباء.

مايكل كوسومانو، الأستاذ في معهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا، يقول عن مختبرات الأبحاث التي أدارتها بعض من أكبر شركات التكنولوجيا في الماضي: “تاريخ مشاريع الأبحاث والتطوير المركزية المذكورة ليس جيداً”.

عدم وجود سابقة لنوع التكنولوجيا التي يحاول مؤسسا جوجل استحداثها، وعدم وضوح أهدافهما بالنسبة لألفابيت، يُمكن أن يزيد من مخاطر الفشل.

بيج ينظر إلى بيركشاير هاثاواي برئاسة وارن بافيت على أنها قدوة، على الرغم من أن كوسومانو يقول: “إن المقارنة ببيركشاير هاثاواي ليست مناسبة تماماً. إنها ليست صندوق استثمار – جوجل ليست كذلك”. ولكي تستحق اهتمام ألفابيت، فإن أنشطتها غير الأساسية يجب في مرحلة ما أن تتصل بأعمالها الأصلية.

بعد مرور عام على التجربة، هناك دلائل تُشير إلى أنه على الأقل تمت السيطرة على ارتفاع التكاليف في أعمال ألفابيت غير الأساسية، على الرغم من أن بورات حذّرت من استنتاج نتائج كبيرة بخصوص الاختلافات على المدى القصير في النفقات.

داخل الأعمال، نهج بورات الأكثر صرامة في اتّخاذ قرارات الاستثمار كان له تأثير. موظف في المستوى المتوسط في أحد الأقسام ينسب إليها الفضل في تحقيق يقين أكبر لعملية الاستثمار الداخلي، حتى لو كان جزء من وظيفتها هو الحد من بعض الإنفاق.

لكن في حين أن هيكلة ألفابيت الجديدة جلبت المزيد من السيطرة المالية، إلا أنه لا يزال من غير الواضح كيف ستتم إدارة أقسام المجموعة في نهاية المطاف في الوقت الذي تُصبح فيه أكثر استقلالاً. على الرغم من أن هناك أوجه شبه بين نهج الاستثمار في ألفابيت والنظام البيئي للشركات الناشئة في وادي السليكون، إلا أنها تبقى تكتل شركات.

المشاريع الفردية لا تملك مجالس إدارة خاصة بها، وألفابيت لم تُدخِل أي ترتيبات على الأسهم لربط مكافآت الموظفين بنجاح وحدتهم – وهي الحوافز من النوع الذي يُعتبر مصدر جذب كبيرا للانضمام لشركة ناشئة. اعتمدت الشركة بدلاً من ذلك على المكافآت النقدية الكبيرة، التي يتم دفعها عندما تُحقق الأعمال الأحدث إنجازات مهمة، على الرغم من أن هذا قد لا يُحافظ على المواهب على المدى الطويل. قسم السيارات بدون سائق تخلّى عن عدد من أبرز مهندسيه في الأشهر الأخيرة بعد دفع مدفعوعات كبيرة مثل هذه، وذلك وفقاً لشخص مُطّلع على الأعمال.

يقول موظف في إحدى الشركات: “هذا ليس مثل كونك في شركة ناشئة – بل هو مثل كونك في شركة عائلة، مع داعمين زئبقيين من رأس المال المغامر”.

في بعض الحالات تحليل عمليات الفابيت المتفرقة الأكثر دقة كشف أيضاً عن الحاجة إلى مناهج عمل مختلفة. مثلا، تم تأسيس قسم النطاق العريض عالي السرعة في الشركة لتوفير قدرة أكبر على منافسة شركات الشبكات، وحثّها على الاستثمار بشكل أسرع في أنظمة الألياف البصرية الخاصة بها، وهو أمر من شأنه مساعدة أعمال الإنترنت الأساسية في جوجل.

الآن، بوصفها قسما مستقلا، أعمال النطاق العريض تبحث عن سُبل للحد من افتقارها لرأس المال والعثور على تكنولوجيات جديدة وأرخص غير الألياف التي ستجعلها أعمالا مُربحة بحد ذاتها – وهي مطاردة أبرزتها عملية الاستحواذ في حزيران (يونيو) على شركة الإنترنت اللاسلكي “ويب باس”.

في الوقت الذي يستمر فيه البحث عن نماذج أعمال مستدامة، امتنعت ألفابيت عن إطلاق أية وعود حول الوقت الذي ستؤتي فيه مثل هذه الرهانات ثمارها. يقول ماهاني إن هذا يجعلها مختلفة عن فيسبوك التي كانت أكثر وضوحاً في رسم خططها على المدى البعيد. شركة التواصل الاجتماعي جمعت رهاناتها في مجموعة تأمل أنها ستؤتي ثمارها في غضون ثلاثة وخمسة وعشرة أعوام. شميدت الذي تحدث أخيرا في اجتماع المساهمين الأول منذ تشكيل المجموعة، قدّم أول إشارة إلى أن ألفابيت أيضاً تحاول التوصّل إلى جداول زمنية أكثر صرامة. وقال إنه ينبغي على الأقل أن يكون واضحاً في غضون ثلاثة أعوام أي من المحافظ الاستثمارية التي تُشير إليها بأنها “رهاناتها الأخرى” ستكون جديرة بالمتابعة.

لكن حتى لو بقيت الخطوط العريضة والأهداف على المدى البعيد بالنسبة لألفابيت غير واضحة، فإن وول ستريت هي أكثر سعادة لأن تتحلى بالصبر. وإذا شعر المساهمون بالقلق، فدائماً ما هناك ربحية هائلة في أعمال جوجل القديمة لطمأنتهم.

قبل عامين اعتُبِر لاري بيج أن توني فاضل، من شركة نيست، شخص رائد لكادر جديد من قادة الشركات الذين سيُدخلون جوجل إلى أسواق جديدة بعيدة كل البُعد عن أعمال الإنترنت الأساسية فيها.

ونيست نفسها، شركة صناعة أجهزة تنظيم الحرارة المُتّصلة التي كانت تحاول أن تتفرع في أجهزة “المنازل الذكية” الأخرى، تُعتبر بمثابة شركة تابعة مستقلة ستُصبح شركة عملاقة بحد ذاتها. وفي علامة على تأثير فاضل التوسّعي، وضعت جوجل مشروع النظارات الذكية الخاص بها “جلاس” تحت سيطرته، ما زاد التوقعات بأن المسؤول التنفيذي السابق في أبل سيُصبح من الناحية العملية رئيس الأجهزة لكامل المجموعة.

اليوم الأمور تبدو مختلفة جداً. خرج فاضل من الشركة، و”نيست” نفسها تتبع مجموعة أضيق من الأهداف.

والتحوّل في “نيست” يُظهر إلى أي مدى إعادة تشكيل جوجل وجعلها شركة تكنولوجيا قابضة تحمل اسم ألفابيت تبقى في حالة تغير مستمر. هذا أيضاً علامة على كيف أن قسم الإنترنت في جوجل نفسه يعتمد وجهة نظر أكثر توسّعية لأعماله الخاصة، لتوسيع نطاقه بدلاً من التنازل عن القاعدة الأساسية لأجزاء أخرى من إمبراطورية ألفابيت.

بيشاي أنشأ قسم الأجهزة الخاص به الذي اعتمد بعض مشاريع فاضل. وفي علامة أخرى على أن جوجل الأساسية تنوي توسيع أعمالها، تباهى بيشاي أخيرا بأداة “هوم”، وهي أداة تعمل بالصوت مصممة لتكون بمثابة مركز للسيطرة على المنزل – السوق نفسها التي أنشئت “نيست” لاقتحامها.
الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى