تطبيقات ذكية

غزو “اوبر” و”كريم” يربك الحكومة

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي
وجد المواطنون في تطبيقات التاكسي التي أخذت تجتاح العالم، والأردن منه، ضالتهم، فيما رأت الحكومة، ممثلة بهيئة تنظيم النقل البري، ذلك خطرا يهدد بيروقراطيتها وانظمتها الكلاسيكية وإيقاعها البطيء، الذي تركه الزمن خلفه منذ وقت طويل، كما انها لاتتيح للحكومة اخذ حصتها من كعكة الضرائب.
ورغم ذلك تقاوم هيئة قطاع النقل البريء اجتياح العولمة والتطبيقات الحديثة والمتسارعة، بأدوات وأسلحة تقليدية، عبر ضبط ما يزيد عن 160 مركبة تعمل بتطبيقات أوبر وكريم، فيما هي لا تعرف كم عدد السيارات والمركبات التي تتعامل بهذا التطبيق وتقوم بنقل الركاب أو تقوم بخدمتهم سواء عبر نقل وجبات الطعام لهم أو مستلزماتهم ومشترياتهم، ناهيك عن نقل المواطنين انفسهم.
الحكومة ما زالت تتدارس كيفية تنظيم غزو العولمة والتطبيقات، ومازالت تعكف منذ شهرين على إعداد نظام لتنظيم عمل تلك التطبيقات في المملكة، وربما يطول تدارسها، وحين تجد الحل قد تجد حينها تطبيقا جديدا قفز إلى واجهة التطبيقات، وعندها ستعيد التدارس مرة أخرى، وتبقى تتدارس والمواطن ينتظر وسيلة النقل العام التي لن تأتي ربما ابدا، وهي في ذلك تشبه قطاع النقل الذي تديره في بؤسه وشقائه وعجزه، من حيث البطء وعدم احترام المواعيد واستنزاف جهد المواطن، علما بأن توفير خدمات النقل يعتبر حق من حقوق المواطن والمواطنة الذي كفله الدستورالأردني.
وأطلقت أوبر، الشركة الأميركية، خدماتها في عمان قبل نحو عام، لتكون المدينة رقم 300 للشركة عالمياً وذلك بعد خمس سنوات فقط على إطلاق عملياتها في سان فرانسيسكو بأميركا العام 2010.
ويمثل قطاع النقل في المملكة، أحد ابرز الإخفاقات الحكومية المتراكمة، والتي ورثتها الحكومة الحالية عن سابقاتها، ولم تتقدم الحكومات بحلول جذرية أو نوعية في إنقاذ هذا القطاع الحيوي والأساسي في المملكة، والذي تعتمد عليه كل القطاعات تقريبا، الأمر الذي يستدعي تغيير آلية تفكير الحكومة بحلول القطاع، وطريقة صنع القرار فيه، وعقم الحلول المقدمة من قبلهم خلال سنوات طويلة.
المواطنون، بدورهم، رأوا في تلك التطبيقات كوة امل يمكن من خلالها خدمتهم بجهد اقل، وربما بكلف اقل، الأمر الذي دعا الكثير منهم إلى تحميل تطبيقات النقل تلك على هواتفهم الذكية دونما اكتراث لدور الحكومة التي تلعب دور الحكم والخصم في هذا المضمار.
رئيس هيئة تنظيم النقل البري، مروان الحمود، قال إن عدد سيارات التاكسي التي تقدم خدمة التنقل عن طريق التطبيقات غير واضح ودقيق، موضحا ان تعرفة العداد للسيارات التي تقدم هذه الخدمة متفاوت، فمنهم من يقدمها بسعر أعلى ومنهم بسعر أقل من التعرفة العادية للتاكسي، وهوما يؤدي الى إيجاد منافسة غيرعادلة وغير مشروعة بينها وبين التاكسي العادي.
ويبين الحمود أن الإشكالات الناجمة عن استخدام تطبيقات التاكسي تتمثل في صعوبة ضبط وتنظيم التعرفة، والسيطرة على المدفوعات الضريبية للقطاع، علاوة على ان بعض السائقين العاملين على تقديم الخدمة غير مدربين، وغير مرخصين وغير مؤمن عليهم، مايعرض مستخدمي هذه الخدمة لمخاطر عديدة.
وقال إن “الهيئة”، وبالتعاون مع ادارة السير تقوم بضبط اي من المشغلين المخالفين للقوانين، وهو ما يعني ان العمل على ضبط مقدمي هذه الخدمات سيبقى مستمرا لحين الخروج بتوصيات وتشريعات تنظم عمل هذه التطبيقات ليصار بعد ذلك لترخيصها وممارسة اعمالها بشكل قانوني.
ويضيف ان هذه التطبيقات بحاجة لإطار تشريعي وأسس تعمل من خلالها، ويبين انه تم ضبط العديد من المركبات التي تقدم هذه الخدمات في الوقت الحالي بسبب مخالفتها لقوانين هيئة النقل البري.
ويؤكد انه يجب ترخيص هذه الشركات بحيث تصبح قادرة على ممارسة عملها بشكل قانوني وضمن تشريعات تحكم عملها، وعندها لن يتم منع هذه الشركات من العمل.
ويلفت الحمود الى ان رئاسة الوزراء قامت مؤخرا بتشكيل لجنة مكونة من وزارتي النقل والاتصالات وهيئة النقل ليتم وضع تشريعات تنظم عمل الشركات التي تعمل على تقديم هذه الخدمة، ويوضح ان اللجنة تعمل حاليا على اعداد كتاب التوصيات والتشريعات التي ستعمل هذه الشركات من خلالها.
ويشير إلى أن هذه التطبيقات تعمل حاليا بالأردن على تقديم خدمة طلب رحلة عبر برامجها من خلال الموبايل للتاكسي والنقل الخصوصي والسرفيس والنقل السياحي ورحلات للمجموعات السياحية بشكل غير قانوني. ويلفت الحمود الى أنه تم التعميم على جميع مكاتب سيارات التأجير السياحية بعدم ممارسة مهنة نقل الركاب بواسطة سيارات التأجير السياحية، ومنع العمل كسيارة تاكسي من خلال هذه التطبيقات او أي برامج أخرى، وبخلاف ذلك سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
يذكر ان هذه التطبيقات انتشرت في عديد من دول العالم، الا انها شهدت معارضة ومحاولات لوضع ضوابط حول عملها في عدد من دول العالم، ولا يعتبر الأردن الدولة الوحيدة التي تتوجه لوضع تشريعات لتنظم عمل هذه التطبيقات.
يشار إلى أن اسباب معارضة هذه التطبيقات كانت لاعتبارها منافسة غير مشروعة لعمل التاكسي العادي، علاوة على اتاحة الفرصة لسائقين غير محترفين لتحميل الركاب في سياراتهم الخاصة.
أما الخبراء، غير الغارقين في الأوراق الحكومية وبيروقراطية القطاع وتفاصيله، فيرون المشهد عن بعد وبشكل يقترب من شعور المواطن الحانق على قطاع النقل المترهل.
ويؤكد خبراء ان ما وصل له قطاع النقل اليوم من تراجع وتردٍ دفع البعض للتفكير بطرق للتخفيف من وطأة المعاناة اليومية التي يواجهها المستخدمون، ومن بينها استخدام تطبيقات التاكسي على الهواتف الذكية، مشددين على أن انتشارها في المملكة “امر حتمي ولا بد منه”.
ويقول هؤلاء انه وفي ظل ما يعانيه مستخدمو قطاع النقل في المملكة، كان لا بد من دخول التطبيقات التي يتم تحميلها عبر الهاتف الذكي إلى السوق الوطنية لاستخدامها في الحصول على سيارة أجرة، خاصة وأن هذه الخدمة توفر الوقت والجهد معا.
ويقول خبير النقل، مروان خيطان، ان الحكومات المتعاقبة عجزت عن توفير الخدمات التي تقوم هذه التطبيقات بتقديمها للمستخدمين، خاصة فيما يتعلق بتوفير نقل عام منتظم يحترم وقت المستخدمين ولا يهدر جهدهم.
ويضيف: “لا يجوز ان نكون في القرن الـ21 وتقف الحكومة عاجزة عن ايجاد أي مشروع في النقل ليخرج من الاوراق إلى ارض الواقع”.
ويؤكد خيطان ضرورة ان تقوم الحكومة بتسوية الامور بينها وبين الشركات التي تقدم هذه الخدمات، وعليها ان تقوم بتشجيعها وفتح المجال لعمل المزيد منها، خاصة في الوقت الذي وصل فيه قطاع النقل الى اوضاع مأساوية. ويبين ان النقل حق للمواطنين ويكفله الدستور، وهو ما يعني ان الحكومة عليها تشجيع اي استثمار او عمل في مجال النقل لتطويره وتحسين نوعية خدماته.
ويلفت المدير التنفيذي للنقل والمرور في أمانة عمان الكبرى، أيمن الصمادي، إلى ان عمل هذه الشركات بحاجة إلى تنظيم،وعندها لن يتم منع هذه الشركات من ممارسة عملها، خاصة وانها تعتبر تطورا في عالم النقل وتوفر للمستخدمين خدمات متنوعة.
ويعتبر الصمادي ان انتشار هذه التطبيقات في المملكة امر لا بد منه، خاصة مع سوء خدمات النقل الموجودة حاليا والتي لا تلبي طموحات المواطنين، ويؤكد ان التحديات التي يواجهها المستخدمون تدفعهم للبحث عن بدائل.
ويشير الصمادي الى ان هذه التطبيقات تمكن الراكب من الاطلاع على بيانات السائق قبل وصوله علاوة على انه في بعض الاحيان تكون اسعارها اقل من التاكسي العادي، اضافة الى انها توفر الوقت والجهد على الركاب، وهو ما يؤكد انها عالجت بعض العيوب التي لم تتمكن وسائل النقل الاخرى من معالجتها.
ويوضح ان الامانة تعمل حاليا على تأهيل 3 شركات لتقديم انظمة الخدمات الالكترونية والاتصال بهدف تشبيكها مع التاكسي العادي لتقديم هذه الخدمة ورفع سوية خدمات النقل.
بدوره، يؤكد مصدر بشركتي “اوبر”، فضل عدم ذكر اسمه، انه ولغاية الان تم حجز 160 مركبة تعمل لدى كل من “اوبر” و”كريم” من قبل ادارة السير بذريعة ان عملها مخالف للقوانين والتشريعات.
ويلفت المصدر الى ان مبدأ عمل هذه الشركة قائم على ما يسمى بـ “مشاركة الركوب”؛ حيث أن الشخص الذي لديه سيارة “بمواصفات تقبلها الشركة” ومشترك مع “أوبر” او “كريم” يستطيع ان يجد راكب متجه لنفس الوجهة التي سيذهب لها ويقله معه.
ويبين المصدر ان المستخدم يقوم بتحميل تطبيق خاص على الهاتف الذكي لكل من “اوبر” او كريم” ليتمكن من طلب سيارة تقله من مكان لاخر دون الحاجة للنزول للشارع والبحث عن وسيلة مواصلات.
ويوضح أن هذه الخدمة تخضع لمراقبة وتقييم مستمر من قبل مقدمي الخدمة؛ حيث أن الراكب يستطيع من خلال التطبيق أن يقيّم السائق والسيارة وأن يضع أي ملاحظات يريدها، وفي حال تكررت الشكوى على السائق 3 مرات يتم ايقاف التعامل معه.
ويضيف المصدر ان درجة الامان بهذه التطبيقات تعتبر عالية جدا خاصة وان بيانات السائق التي تحتوي على الاسم ورقم السيارة ورقم هاتف السائق تظهر للمستخدم قبل وصوله للراكب، وهو ما يتيح للركاب امكانية اطلاع أي طرف آخر على هذه البيانات.
ويشير إلى أن اعداد مستخدمي هذه التطبيقات يتزايد ويرتفع بشكل مستمر، خاصة وأن خدمات النقل في الأردن تعتبر سيئة جدا وتعاني العديد من المشكلات التي لم يتم ايجاد حلول لها.
ويلفت المصدر إلى انه وفي حال تم وضع التشريعات والتوصيات التي ستنظم عملهم ستقوم كل من شركة “اوبر” وكريم” للتقدم بحصول على ترخيص لتتمكن من العمل بشكل قانوني ودون التعرض للمساءلات القانونية.
ويؤكد ان هذه الشركات لا تعتبر منافسا للتاكسي العادي، خاصة وأن أعداد السيارات العاملة لدى الشركتين لا تتجاوز المئات.
وبدأت شركة “أوبر” في سان فرانسيسكو العام 2010، ولم يكن دخولها السوق في البداية موضع منافسة ولم تخضع لعملية ترخيص صعبة، وتعتبر اليوم من الشركات الكبيرة التي تغطي اكثر من 57 دولة حول العالم، وتم اطلاق خدماتها في عمان عام 2015.
وتعمل هذه التطبيقات على توفير خدمة التاكسي بالإضافة إلى النقل الخصوصي والسرفيس والنقل السياحي ورحلات للمجموعات السياحية بشكل غير قانوني. ويؤكد مصدر يعمل في شركة كريم، فضل عدم ذكر اسمه، ان شركة كريم رائدة في مجال تكنولوجيا النقل البرّي، وهي شركة تتخصص بتقديم خدمات توصيل سريعة ومريحة مع سائق خاص في مختلف مدن المنطقة من خلال موقعها الإلكتروني وتطبيقات الهواتف الجوّالة الذكية.
ويقول ان خدمة كريم تتميز بالمرونة والراحة والأمان، كما تتيح لزبائنها من الأفراد والمؤسسات طلب إحدى السيارات العديدة المتوفرة مع سائق لتصلهم في مكان تواجدهم إما فوراً أو في وقت لاحق، وذلك من خلال موقع الشركة الإلكتروني، أو عبر تطبيق الهاتف الذكي الخاص بها.
ويضيف المصدر ان التطبيق يوفر لمستخدميه إمكانية رصد وتتبع مكان السيارة بشكل آلي وآني على الخريطة، وبذلك توفر لمستخدميها مستوى عال من الأمان، حيث ان التطبيق يتيح للمستخدم الاطلاع على معلومات السيارة والسائق قبل وصولها للراكب.
ويبين ان شركة كريم تقدمت بطلب للترخيص من هيئة النقل، الا انها لم تحصل عليه لغاية الآن.
ويلفت المصدر إلى أن أعداد مستخدمي “كريم” في تزايد وهو ما يؤكد حاجة المستخدمين لهذه الخدمات التي توفر عليهم الوقت والجهد.
ويشير الى ان ادارة السير قامت بحجز عدد من المركبات التي تعمل لدى شركة كريم، ويوضح ان هذه التطبيقات لا تشكل أية منافسة للتاكسي العادي خاصة وان اعداد السيارات التي تعمل بهذه الشركات لا يتجاوز المئات.
يشار الى ان شركة كريم تأسست في تموز (يوليو) العام 2012م وتدير مكاتب لها في 18 مدينة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
من جانبه، قال مدير إدارة السير المركزية، العقيد ياسر الحراحشة، إن مصادرة مركبات “أوبر” و”كريم” وتوقيف أصحابها، هو اجراء تتخذه ادارة السير لان عمل هذه المركبات مخالف للقانون والتشريعات.
ويؤكد ان هنالك ما يتراوح بين 70-80 مركبة تعمل لدى الشركتين ما تزال محجوزة من اصل 160 مركبة تم حجزها سابقا. ويبين الحراحشة ان هذا الاجراء هو تطبيق للقانون وسيتم ضبط هذه المركبات واتخاذ الاجراءات اللازمة لحين حصولها على ترخيص وممارسة عملها بشكل قانوني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى