الرئيسيةخاصمقالات

بورصات ” المؤثّرين” على السوشيال ميديا

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

كما هو حالنا في معظم المجالات، في معظم القطاعات، وخصوصا الحديثة، ومتسارعة التطور والنمو منها كقطاع تكنولوجيا المعلومات والانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، لا نستطيع حتى يومنا هذا تحديد المفاهيم والمصطلحات المنضوية تحت هذه الحقول، وسط فقر مدقع في الدراسات المحلية التي يمكن ان توجهنا كمستخدمين وتوجه اصحاب القرار لدى سعيهم لاتخاذ موقف او قرار معين في هذه القطاعات.

منذ سنوات قليلة، بحثت كثيرا، وتابعت تطورات استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في المملكة، وبورصات أسماء المؤثرين على هذه المنصات، ولم ارصد يوما أجماعا على تعريف موحد لمصطلح ” المؤثّر على شبكات التواصل الاجتماعي”، …..

كما أنّني لم أجد ايضاً معايير معروفة ومحددة وعلمية متفق عليها لمنح احدهم هذا اللقب الذي غالبا ما يبنى على مؤشر عدد المتابعين، او عدد المعجبين، والنشاط الذي تشهده صفحات هؤلاء ” النجوم “، ………

وأعتقد بان وصف أحدهم بـ ” المؤثر ” على شبكات التواصل الاجتماعي بناءا على معيار عدد المتابعين، هو وصف قاصر منقوص لا يعني شيئا الا اذا كان هذا ” النجم الديجتالي” فرداً فاعلاً في مجال معين يفيد الناس في حياتهم وقادر على توجيه الراي العام، والتغيير في المجتمع نحو الافضل، …… ومئات والاف اللايكات والتعليقات و ” المجاملات” لا اعتقد بأنّها تعني شيئا اذا لم يحدث صاحب ” المنشور” : البوست أو التغريدة اثرا وفرقا في حياة المتابعين.

ولعل الرجوع الى المعجم العربي يعطينا فكرة عن كلمة ” مؤثر” فهو الفعّال ومن أحدث الأثر، وليس من حاز اكبر عدد من الاصدقاء والمتابعين، وأنا لا أقلّل أبدا من اهمية مؤشر عدد المتابعين والمعجبين ولكنه باعتقادي ليس بالمؤشر الوحيد ، ولا هو بالمؤشر الاساس الذي يجب ان نعتمده لاعتبار احدهم ” مؤثرا” على هذه الشبكات.

لقد صعدت شبكات التواصل الاجتماعي منذ بدء طفرتها وانتشارها الواسع في الاردن والمنطقة العربية بالكثير من الاسماء، التي تنقسم اليوم الى فئتين : فنسبة منهم كان من العامة وساعدته هذه الأدوات بانتشارها وسرعتها وتفاعليتها حتى اصبح نجما على هذه المنصات، واخرين هم من النجوم والمشاهير في حياتهم الواقعية : في الفن، والاعلام، والرياضة، وغيرها من المجالات، وهم كغيرهم طوعوا هذه الشبكات وادواتها لمزيد من الانتشار والشهرة.

وفي اي من الفئتين السابقتين يأتي من نطلق عليه ” مؤثراً” على شبكات التواصل الاجتماعي، سواء كان من عامة الناس واصبح نجما بفعل هذه الشبكات، او كان نجما في الاصل وتواجد بقوة على هذه ” السوشيال ميديا” ، وفي كلتا الحالتين فان عدد المتابعين والمعجبين ليس سوى رقم لا معنى له اذا لم يحدث هذا ” المؤثر” اثرا في حياة الناس نحو الايجابية، نحو المفيد، نحو تطوير المهارات والمعرفة، نحو التغيير للافضل، …

بيد أنّ معظم بورصات اسماء ” المؤثرين” المعلنة بين الحين والاخر ن تغيّب في الغالب شخصيات هم من ” المؤثرين الحقيقيين” على هذه الشبكات – كما اعتقد – ممن لا يمتلكون تلك القاعدة الكبيرة من المتابعين والمعجبين ولكنهم يحدثون فارقا ويؤثرون بحق في حياة الناس ………..

على سبيل المثال : اتابع منذ سنوات صفحة أحدى الناشطات الاردنيات على الفيسبوك ، وقد طوعت صفحتها لنقل ومتابعة اخبار الوظائف وفرص العمل في كل القطاعات وبشكل شبه يومي ، ومنح الفرصة لشبكة اصدقاءها ومعارفها للاطلاع على فرص العمل المتاحة ، …. هذه الصديقة لم يرد اسمها ابدا في اي من قوائم المؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي في الاردن، ولكنني اعتقد بانه تستحق هذا اللقب بصرف النظر عن عدد متابعيها “، اعتقد بان هذه الشابة الاردنية اثرت بشكل مباشر وغير مباشر في حياة كثيرين ممن وجدوا فرصا للعمل عبر صفحتها، او استطاعوا الحصول على وظيفة العمر.

صديق اخر تخصص في العمل الانساني والمسؤولية الاجتماعية ولا يوفر وقتا او جهدا في تشبيك المحتاجين والاسر العفيفة بالمقتدرين، اعتقد بان هذا الصديق هو مؤثر من طراز رفيع، ….

وهناك شابة اردنية تخصصت في تطبيق السنابشات وطوعته لبث نصائح توعوية في المجال الصحي مستندة الى دراستها وخبرات متخصصين في هذا المجال، ولكم ان تتصورا كم الفائدة التي قدمها هؤلاء للناس والمجتمع بعيدا عن الخطابات الرنانة والمحتوى الترفيهي البعيد عن الواقع والحقيقة.

واتابع على شبكة الفيسبوك من سنوات صديق اخر تخصص في مجال شبكات التواصل الاجتماعي وامن المعلومات، وهو ايضا لا يدخر جهدا في نشر التطورات والتحديثات والمعلومات والنصائح في مجال تخصصه، ليفيد الشباب والناس في هذا المجال الذي يقبل عليه الشباب بشغف كبير، فكم أفاد شبابا يركضون وراء الاطلاع على مستجدات السوشيال ميديا؟ ، هذا الصديق يستحق لقب ” مؤثر ” بامتياز، …

ومثله ذلك الصديق على الفيسبوك الذي طوّع الشبكة وصفحته لاخبار ومحتوى يتخصص في ريادة الاعمال ولم يوفر جهدا في تشبيك الشباب بمصادر وجهات وفرت لهم دعما وارشادا وتوجيه واحيانا التمويل.

أرى ان العبرة في احداث الأثر وليس في عدد المتابعين ، وعليه يمكن ان نستنج ثمة خصائص ومواصفات في ” المؤثر” على شبكات التواصل الاجتماعي، فالتخصص في مضمار محدد هواساس، كما ان ” المؤثر” يجب ان يتصف بالايجابية والحوار والتفاعل الراقي وهو ما يعزز الصفة السابقة، …

كما ان ” المؤثر” غالبا ما يعمل على تزويد متابعيه بالمعرفة والمحتوى المفيد الذي يقدم من خلاله قيمة مضافة للناس، علاوة على تميزه بصفات القيادة والقدرة في توجيه الراي العام وتغيير حياة الناس.

وبناءا على ما سبق يمكننا الان التفريق بين عدة مصطلحات ومفاهيم تداخلت كثيرا في السنوات الاخيرة حتى اصبحنا نخلط بينها وبين مفهوم ” المؤثر”، …..

فهناك الناشط على شبكات التواصل الاجتماعي وهو الذي ينشر باستمرار محتوى متنوع ويتفاعل يوميا مع اصدقاءه، …. ولكن هذا الشخص على مواصلته التواجد باستمرار على شبكات التواصل الاجتماعي فلا يمكنني اعتباره مؤثرا اذا لم يغيّر حقا في حياة، مع عدم استبعاد امكانية انتقاله الى مرتبة ” المؤثر” اذا ما طور نفسه ومهاراته في مضمار محدد.

وهناك ” النجم” و ” المشهور” في العالم الواقعي في الفن او الرياضة أو اي مجال كان ، وهو من تواجد على شبكات التواصل الاجتماعي فانتقل محبيه ومتابعيه معه الى هذه المنصات وهو ليس بالضرورة ان يكون مؤثرا.

كما ان هناك مجموعة من النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي الذين حصدوا عددا كبيرا من المتابعين ما جعلهم ينشطون في مجال الترويج لمنتجات وشركات تجارية، وهؤلاء يمكن ان نطلق عليهم سفراء لهذه المنتجات والعلامات التجارية وليس بالضرورة ان يكونوا مؤثرين.

اذا فالمؤثرون على شبكات التواصل الاجتماعي هم أولئك ممن نشطوا على منصات التواصل الإجتماعي وأحدثوا فرقا واثرا في حياة الناس ، هؤلاء من يجب ان يكونوا في راس قائمة ” المؤثّرين” على السوشيال ميديا ، اما البقية اعزائي فهم مشاهير، نجوم، ناشطين، سفراء لشركات وعلامات تجارية، لا أقل، ولا أكثر……!!

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى