مقالات

سباق رقمي للصحافة الورقيّة عكس عقارب الساعة

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

منذ بداية هذا العام، كانت صحيفة نيويورك تايمز تجمع قائمة من الناس والأماكن والأشياء التي أهانها دونالد ترامب على موقع تويتر, من صحيفة نيويورك تايمز, أبرزها ما قاله في حقها عبر تغريدة تضمنت: “صحيفة تحتضر، ضعيفة، يتم تشغيلها وإدارتها بشكل سيئ”.

تلك السخريات ترتد دون أن تُلحق ضرراً بمارك تومبسون، الرئيس التنفيذي لشركة نيويورك تايمز الذي نجا قبل ثمانية أعوام أثناء عمله مديراً عاماً لشبكة بي بي سي، من الفضائح التي واجهتها الصحيفة.

خرّيج جامعة أكسفورد البالغ من العمر 59 عاماً يقول عن أسلوب ترامب على وسائل الإعلام الاجتماعية، وهو يحاول أن يكتم ضحكه، “الأمر يبدو كشخص يدور حول الكلمات في صحيفة”. ثم ينتقل إلى أفضل انطباع له عن ترامب: “أوباما! إنه مؤسس جماعة داعش! لقد أسسها! إنه المؤسِس!”

في فترة إدارته لشبكة بي بي سي والآن صحيفة نيويورك تايمز، أصبح تومبسون مُعتاداً على تلقّي نصائح تأتي دون طلب منه حول أفضل طريقة لتحسين كل منظمة. لكنه تقدّم بثبات بطريقه في “جراي لايدي” أو “النيويورك تايمز”، ليوجّه الصحيفة من خلال ما يُمكن القول إنه أكبر تحوّل منذ أن أطلقت طبعة وطنية قبل ثلاثة عقود.

تومبسون، الذي تم انتقاد فترة عمله في شبكة بي بي سي بسبب تخفيض الوظائف الواسع، هزّ الإدارة في صحيفة نيويورك تايمز، من خلال إعادة بناء فرق عملها الرقمية والتجارية، مع تعيينات استراتيجية مثل وضع ميرديث ليفين، في منصب كبيرة الإداريين للإيرادات، وهي المسؤولة التنفيذية السابقة في مجلة فوربس التي وصفها بأنها “قوة مذهلة للتغيير في الشركة”، وكينسي ويلسون، التي جاءت من الإذاعة العامة الوطنية، لقيادة عمليات الإنتاج والتكنولوجيا.

وكان هناك مغادرون أيضاً: فترة جيل إبرامسون كرئيسة تحرير تنفيذية انتهت فجأة في عام 2014، بعد تقارير أنها كانت قد رفضت قرارات اتّخذها تومبسون. كما أنه أيضاً يعد هدفاً لدعوى قضائية من اثنين من موظفي صحيفة نيويورك تايمز يزعمان التمييز، الأمر الذي تنفيه الصحيفة.

الآن تومبسون في سباق مع الزمن: يجب أن يزيد الأعمال الرقمية في صحيفة نيويورك تايمز، بسرعة كافية لاستبدال تقلّص الإيرادات في قسم الصحافة المطبوعة فيها.

يقول، “هذا هو التحدّي”، مُشيراً إلى لافتة ورقية خلفنا حيث المشكلة، المكتوبة بقلم حبر بطريقة عشوائية، باللونين الأسود والأبيض: “الصحافة المطبوعة مليار دولار، الصحافة الرقمية 0.5 مليار دولار”، في إشارة إلى الإيرادات الحالية لأعمال شركة نيويورك تايمز. “علينا أن ننمو رقمياً بسرعة”.

الحاجة المُلحّة لهذا التحدّي تكثّفت هذا العام بسبب انخفاض إيرادات الإعلانات في صحيفة نيويورك تايمز بنسبة 12 في المائة في الربع الثاني، إثر تهاوٍ على مستوى الصناعة في إعلانات الصحافة المطبوعة. يقول تومبسون إنه “متفائل جداً” بأنه يستطيع النجاح في الوقت المناسب. حدّدت الصحيفة هدفاً يبلغ 800 مليون دولار كإيرادات رقمية بحلول عام 2020، الذي خرج من مراجعة لاستراتيجيتها التي تم إعلانها هذا العام.

يؤكّد تومبسون أن القرّاء والتداول سيكونان دافع الإيرادات. في عهده، فإن صحيفة نيويورك تايمز زادت اشتراكاتها الرقمية بسرعة، لتصل إلى 1.4 مليون زبون رقمي في الربع الثاني، بزيادة أكثر من الربع عن العام الماضي.

ويتلقّى أجرا رائعا مقابل ذلك -حزمة الأجور والعلاوات تضاعفت العام الماضي إلى 8.7 مليون دولار- في حين ارتفع سعر سهم صحيفة نيويورك تايمز من ثمانية دولارات إلى 13 دولارا منذ توليه المنصب.

على أن الزيادة الكبيرة التالية في الإيرادات تحتاج إلى أن تأتي من استخراج مزيد من المال من الجمهور الأمريكي الأساسي لصحيفة نيويورك تايمز، بطرح منتجات جديدة أو العثور على قرّاء جُدد. سوف تستثمر الشركة 50 مليون دولار في التوسع الدولي، على أمل الاستيلاء على زبائن في أماكن مثل أمريكا اللاتينية، وأستراليا وكندا، حيث يرى تومبسون “ملايين” المشتركين المحتملين الذين يُناسبون التركيبة السكانية لقرّاء الصحيفة. ويتحدّث بحماس عن الفرص مع التصوير الفوتوغرافي، وتعلّم الآلة، والروبوتات والذكاء الاصطناعي كجزء من “تصوّر أوسع للأخبار”. لقد تم تعيين هذا الرجل الإنجليزي، الذي انضم إلى واحدة من الصحف الأكثر تأثيراً في العالم، دون خبرة في وسائل الإعلام المطبوعة، جزئياً، لجعل الصحيفة أقل اعتماداً على الصحافة المطبوعة وعلى الولايات المتحدة، على حد سواء. لقد غادر شبكة بي بي سي في عام 2012 بعد وقت قصير من الألعاب الأولمبية في لندن، التي جذبت الثناء للتغطية الغنية للحدث. كما شارك تومبسون أيضاً عن كثب في تطوير خدمة iPlayer في شبكة بي بي سي، التي أدخلت التلفزيون والإذاعة حسب الطلب لجمهورها في المملكة المتحدة، بما يشبه خدمة الكيبل الأمريكية. في موقعه الجديد أبدى اهتماما مماثلا بالتكنولوجيات الجديدة في غرفة الأخبار. يتذكّر مقطع فيديو مباشرا على موقع فيسبوك أنتجه في مهرجان كان ليونز للإعلان مع المراسل جيم روتينبرج، في صباح يوم تصويت المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي. يقول “إنها الساعة السادسة صباحاً، وكنت قد حصلت على نحو نصف ساعة من النوم، وحارس الأمن يحاول إبعادنا عن الرصيف. قُلت لجيم: لا أحد سيُشاهد هذا. وقال جيم: هناك 1000 تعليق حتى الآن”.

آخرون في الصحيفة لديهم عشق أقل لشبكة التواصل الاجتماعي، على الرغم من مستخدميها البالغ عددهم 1.7 مليار. ليز سبايد، رئيسة التحرير العامة في صحيفة نيويورك تايمز، شبّهت موقع فيسبوك الشهر الماضي بـ”طفل مزعج في المدرسة الثانوية، يتم دعوته نوعاً ما إلى جميع الحفلات الجيدة”. تومبسون حريص على الحفاظ على تراث “نيويورك تايمز” وصحافتها المطبوعة، التي يقول إنه سيتم طباعتها “لفترة طويلة مقبلة، عشرة أعوام أو أكثر”. ويرفض أي فكرة من أن صحيفة نيويورك تايمز يُمكن أن تخوض طريق شركة تريبيون بابليشينج، المالكة الموجودة منذ 169 عاماً لصحف مثل لوس أنجلوس تايمز، التي غيّرت في حزيران (يونيو) الماضي اسمها إلى ترونك، كجزء من محاولة لإنعاش أعمالها المريضة. ويمزح قائلاً إن صحيفة نيويورك تايمز “سعيدة جداً بالاسم الذي لديها. ما الذي سيكون مُعادلاً لاسم ترونك؟ نيوت؟”، مُضيفاً أنه يُركّز “ليس على خطاب التغيير فحسب، بل أيضاً على الأمور التي تُحقق المال في الواقع”.

لقد مضت أربعة أعوام على اليوم الذي وافق فيه تومبسون على عبور المحيط الأطلنطي. يبدو جالساً في مكتبه في الزاوية في الطابق رقم 16، يُفكّر بما لاحظه في الولايات المتحدة، حيث يُشير إلى التغطية الإعلامية في الولايات المتحدة لترامب، التي يقول إنها تتم بعقلية منفتحة أكثر من تغطية المملكة المتحدة لحملة الاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي.

إن وسائل الإعلام الرئيسة في الولايات المتحدة “مُحتارة فعلاً حول … كيفية تغطية ترامب بشكل مسؤول؟ ومن الإنصاف القول إن معظم الصحف البريطانية لم تحصل على نقاش حول كيفية تغطية خروج بريطانيا. لقد دخلت فيه فقط”.

الاقتصادية ….. الفاينينشال تايمز

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى