خاصمقالات

قصة إلهام وإصرار …… مصري يلعب التنس بأسنانه وعزيمته دون ذراعين

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

الأصل في ” تنس الطاولة ” أن تلعب بالذراعين واليدين، وهي تحتاج الى الكثير من المهارة ، التركيز، الدقة، واللياقة البدنية، مع ضرورة البقاء في حالة تأهب ومتابعة دائمة لحركة الكرة الصغيرة في مجيئها وذهابها،….. هذه هي بعض أساسيات ومتطلبات اللعبة التي يرجع تاريخها الى العام 1890.

شاهدت الكثير من مباريات لعبة ” تنس الطاولة” في حياتي، …. وفي مدرستي كان احد طلاب صفنا بطلا على مستوى المملكة، وكنا وقتها نستمتع ونهتم بمشاهدة مباراياته الوطنية، ولاحقا كنت اواظب كل فترة على مشاهدة بطولات عالمية في هذه اللعبة التي تحتاج الى تركيز كبير من المتفرج، فكيف حال من يلعبها…..

أعرف اللعبة وقوانينها جيدا ، وما تحتاج له من تدريب وممارسة مستمرة حتى يتفوق اللاعب على طاولتها، وكل مرة أدهش بطرق لعبها المختلفة : في ارسال الكرات واستقبالها وتسجيل النقاط على الخصوم، بيد انني صعقت يوم أمس من المفاجأة، وأنبهرت أشدّ إنبهار، وفي الوقت نفسه حصلت على قدر كبير من الأمل والإلهام وأنا أشاهد مباراة في تنس الطاولة ضمن منافسات دورة الالعاب البارالمبية المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة والمقامة حاليا في ” ريو” البرازيلية،….

ولا أبالغ في قولي بانها أحلى مباراة في تنس الطاولة، وهي الافضل، والأكثر تشويقا والهاما، من بين جميع مبارايات ” تنس الطاولة” التي حضرتها طوال حياتي.

المباراة لم تكن إعتيادية، وقد كسرت كل القوانين وتخطّت جميع الأفكار والخيالات، وإمتلأت بالاصرار والتحدي والالهام، وكان مصدر ذلك كله اللاعب العربي المصري ” إبراهيم حمدتو” الذي كان يلعب ويواجه خصمه بدون ذراعين، ….

نعم ، كان حمدتو – ابن دمياط – يمسك المضرب بأسنانه، ويرسل الكرة مستعيناً برجله وقوة عضلات عنقه، والاهم من ذلك ماتراه في وجه وعيني هذا الاربعيني من عزيمة واصرار على منافسة لاعبين يواجهونه بيد واحدة او اثنتين.

و” حمدتو” مبتور الذراعين من فوق المرفقين اثر حادث تعرض له في صغره، ورغم ذلك يؤكد لنا في كل حركة وارسال واستقبال للكرة الصغيرة ان لا شيء مستحيل في هذه الحياة وبان الاصرار والجدّ والتصميم هم الاساس للمنافسة والنجاح في الحياة، وفي الرياضة.

كان “حمدتو” الايام القليلة الماضية محط اهتمام العالم ومتابعي دورة الالعاب البارالمبية، رغم خسارته أمام البريطاني ديفيد ويثيريل المصنف في المركز الرابع عالمياً، بثلاثة أشواط دون رد، وخسارته أمام الألماني توماس راو في المباريات الأولى بدور المجموعات في منافسات الفئة السادسة.

رغم هذه الخسارات ، فقد أبهر الجميع بقوة ايمانه بنفسه وبقدراته، فهو اللاعب الوحيد حول العالم من ذوي الإعاقة الذي يمارس “تنس الطاولة” بذراعين مبتورين، وهو يعطينا بذلك درسا ويؤكّد لكل الشباب والمتذمرين والمتشائمين، بان لا مستحيل مهما عاندتك ظروف الحياة وتقلباتها،….

لقد حقق ” حمدتو” انجازا باهرا بوصوله الى دورة الالعاب البارالمبية، وقبل ذلك سجّل الكثير من الانجازات والبطولات، عندما حصل على الميدالية الفضية في بطولة إفريقيا عام 2011، ونفس الأمر في عامي 2013 و2015 ليتأهل بعدها إلى أولمبياد ريو دي جانيرو، كما انه حقق حلمه بعدما تواجه مع المصنف الأول والثاني عالمياً، الصيني ماي لونج والياباني جون ميزوتاني، وانبهر الثنائي بلعب حمدتو ومهارته العالية رغم إعاقته الكبيرة.

وأصبح “حمدتو” بطلا على منصات التواصل الإجتماعي، الى جانب بطولاته في ملاعب ” التنس”، بعدما عرض فيديو على اليوتيوب بعنوان :” لا شيء مستحيل” حقق حوالي 2.3 مليون مشاهدة.

قصة ومسيرة اللاعب المصري تضرب مثلا كيف يمكن لشخص بحجم اعاقته ان يعمل بجد ويثبت ذاته ويصنع اسما واثرا له في الحياة، ….

وبدات حكاية ” حمدتو” عندما تعرض لحادث قطار في بلدته وهو في عمر العشر سنوات، ليفقد ذراعيه، وليبقى منطويا محبطا في منزله طوال 3 سنوات رافضا الخروج رغم محاولات الأصدقاء لتخليصه من حالة الاكتئاب التي كان يمر بها.

ولكنه بعد هذه السنوات الثلاث خرج من عزلته واستجاب لاصدقاءه واهنله ومارس لعبة كرة القدم، ولكن مدربه نصحه بالابتعاد عن اللعبة لأن إعاقته كانت تمنعه من الحماية عند السقوط على الأرض.

حمدتو لم ييأس وترك ” كرة القدم” ولجأ بعد ذلك للعبة تنس الطاولة – رغم صعوبة ممارستها بدون ذراعين – حباً في إثبات الذات وقهر المستحيل، وكان يضع مقبض المضرب تحت إبطيه لكنه جرب أن يضع المضرب في فمه ولاقت التجربة نجاحا منقطع النظير.

واحتاج اللاعب المصري المعجزة ثلاث سنوات ليتدرب على ذلك ومارس اللعبة وبدأ في تحقيق إنجازات.

هو الاصرار وحب التحدي والسعي لاثبات الذات والايمان بالقدرات هي الروافع التي توصلنا الى النجاح، فتسلحوا بهذه الذخيرة اذا ما اردتم انجاز عمل اوتحقيق هدف في الحياة.

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى