مقالات

الطاقة المتجددة: لكل مشكلة حل

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي-هالة زواتي*

يبدو أن آخر عقبة أصبحت تؤرق الحكومة في ملف الطاقة المتجددة هي أن الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة ليست مستمرة وإنما متقطعة وتعتمد على عوامل الطبيعة مثل الشمس والرياح.
وبالتالي؛ فإن على الحكومة (ممثلة بشركة نيبكو) ولضمان عدم انقطاع التيار عن المستهلكين أن تحتاط لذلك من خلال احتياطي من السعة لمحطات توليد الكهرباء التقليدية كي يتم تشغيلها (أو زيادة انتاجها) عند الحاجة، ما يشكل عبئا على الحكومة إذ أصبحت العقبة الجديدة أمام الطاقة المتجددة هي أنها مكلفة بسبب ذلك.
الجيد في الموضوع؛ أننا نطبق وبالحرف الواحد مقولة أن “التحديات تخلق الفرص” فبادئ ذي بدء لم نكن لنتوجه نحو توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة الا لأننا وفي عام 2011 اضطررنا لذلك مدفوعين بانقطاع الغاز المصري الذي اعتمدنا عليه لتوليد 85 ٪‏ من الكهرباء التي يستهلكها الاردن، ولذا تم اقرار قانون الطاقة المتجددة في العام 2012 وبدء العمل في المشاريع المختلفة، ولو أن تدفق الغاز استمر لاستمر اعتمادنا على الغاز ولم نكن لنحرك ساكنا ؛ لقد أوجد التحدي فرصه.
اليوم؛ يواجهنا تحديان؛ الأول هو عدم مقدرة الشبكة على استيعاب المزيد من الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة وعليه بدء العمل على تنفيذ مشروع الممر الأخضر مؤخرا والذي كان قد وعدنا وزير الطاقة في العام 2013 أن يكون عاملا في 2014 لأننا كنا نعلم بأننا سنصل الى هذه المرحلة من قلة استيعاب الشبكة ولكن وللأسف لم يحصل ذلك.
اليوم نحن على ابواب 2017 وما زلنا ننتظر؛ تمنيت لو اننا عالجنا هذه المعضلة التي علمنا مسبقا انها ستواجهنا ولكننا لم نستبق الحدث وفضلنا معاناته اولا ومن ثم معالجته.
اليوم أقول بأننا سنواجه التحدي الثاني قريبا ما بدأت به مقالي؛ وهو أن الطاقة المتجددة يمكنها امدادنا بكهرباء متقطعة وليست مستمرة وحتى لو اننا زدنا من سعة الشبكة اليوم سيواجهنا هذا التحدي غدا عندما ترتفع سعة مشاريع الطاقة المتجددة في الشبكة. وعلينا أن نواجه هذا التحدي بأن نوجد فرصا جديدة للأردن أراها واضحة من خلال إما ان نتوجه لتخزين الكهرباء في بطاريات أو من خلال التوجه نحو التوليد باستخدام الطاقة الشمسية التي تعتمد الية – Concentrated Solar Power – CSP الطاقة الشمسية المركزة، والتي بإمكانها اليوم تخزين الطاقة حتى 15 ساعة . كما انخفضت اسعارها بشكل كبير حتى اصبحت مجدية للأردن كما لم تكن من قبل.
فاليوم؛ يتم انشاء محطة بسعة 100 ميغاواط وتخزين لمدة 12 ساعة في جنوب افريقيا (مشروع ريدستون) وذلك مقابل 12,5 سنت اميركي لكل كيلو واط ساعة، أي أن السعر يقارب سعر توليد الكهرباء من الغاز في الأردن، وعليه اصبح السعر منافسا وليس كما كان عليه في عام 2013 حين طرحت المرحلة الاولى من مشاريع الطاقة المتجددة. وكذلك ولمن يقول بأننا مضطرون لشراء الغاز الطبيعي من أجل تنويع مصادرنا وللخفض من تكلفة توليد الكهرباء، نقول بأن هناك بدائل أخرى ومحلية تغنينا عن الاعتماد المميت على مصدر أو دولة أو باخرة أو خط لنقل الغاز يمكن قطعه أو تفجيره في أي وقت ولأي سبب.
عندما ندرس اقتصاديات أحد الخيارات المطروحة كمصدر لتوليد الكهرباء، لا يمكننا دراستها في معزل عن الخيارات الأخرى (البدائل) ولا يمكننا دراستها اقتصاديا فقط وفي معزل عن البعد السياسي والاجتماعي والأمني.
إن كان هذا جهدا تبذله كل الدول لتقييم خياراتها، علينا أن نضاعف ذلك الجهد بسبب وضع الأردن الخاص وسط إقليم ملتهب.
مرة أخرى؛ علينا الاسراع في متابعة المستجدات كما علينا أن نلحق الركب كي لا يفوتنا القطار، الحاجة ملحة والتحديات تخلق الفرص والحلول موجودة، يبقى أن تتوافر النية لكي نوجه البوصلة بالاتجاه الصحيح، وعند ذلك (وكما رأينا سابقا) ستتهافت الشركات العالمية للاستثمار في هذه المشاريع ولن تضطر الحكومة لا للاستدانة ولا لتحمل أي عجز ينتج عن دعم أسعار الكهرباء، كما سيساعدنا ذلك على تخفيض اعتمادنا على النفط والغاز ذي الكلف السياسية الباهظة وسيجنبنا المعاناه كلما انخفضت وارتفعت اسعاره عالميا والأهم من هذا وذاك أننا سنتمكن من توليد طاقة خضراء بسواعد أردنية وبمصادر طاقة أردنية أيضا.
آمل أن تدرس الحكومة هاتين الفرصتين قبل الإعلان عن مشاريع المرحلة الثالثة لمشاريع الطاقة المتجددة لنستغل الفرصة ونلحق الركب؛ أتمنى ان يكون هناك من يقرأ فيعلق الجرس!!
*خبيرة في الطاقة المتجددة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى