ريادة

قسيسية: نؤمن بالثقافة والتنوير ونتصدى لمهمة الكشف عن المبدعين

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – تؤمن أن هناك العديد من المبدعين الذين يعيشون بيننا، وأن الكشف عنهم لا يتطلب سوى استهداف المجتمع ببرامج حقيقية، يتم تنفيذها بعدالة ومن دون محاباة، لنفوز، بالتالي، بمبدعين حقيقيين يستطيعون أن يكونوا قيمة مضافة لبلدنا.
بهذا الكلام البسيط، تبدأ الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الحميد شومان فالنتينا قسيسية، حديثها لـ”الغد”، مبينة أن تجربتها في المؤسسة خلال الأعوام القليلة الماضية، جعلتها تفتح عينيها على مشهد يمتلئ أملا بالمستقبل، إن نحن وجهنا الجهود نحو الاستثمار بالأطفال والشباب، واستطعنا أن نوفر لهم بيئة محفزة على الابداع، تدعم توجهاتهم.
قسيسية تؤكد إيمانها المطلق بالمعجزات التي يمكن للثقافة أن تحققها، والتنمية القادرة على إحداثها، من خلال إعطاء مساحة للمبدعين للتعبير عن أنفسهم، وتوفير السبل والأدوات اللازمة لإخراج إبداعاتهم، لافتة إلى أن مؤسسة شومان قامت من أجل هذا الهدف، وأن مهمة المؤسسة الأساسية هي الكشف عن هؤلاء المبدعين والمتميزين، ودعمهم.
لكنها لا تستطيع أن تفصل الإبداع عن الحرية، فهي ترى أن “الطفل المبدع يحتاج مناخا واسعا من الحرية لكي يستطيع إخضاع الواقع إلى النقد من دون أن يضطر إلى إخضاع ادواته الإبداعية للقمع”.
وتقول “المبدع يجب أن يطرح الأسئلة بحرية، لذلك ينبغي لنا أن نوفر له هذه البيئة السليمة، وأن لا نلجأ إلى قمعها في البيت والمدرسة”.
خلال عملها في مؤسسة شومان، استطاعت أن تقترب من المشهد المحلي كثيرا، ومع اعترافها أن هناك الكثير من الصعوبات التي تعترض طريق العمل على “البنية الفوقية” للمجتمع، وأحيانا تتحول تلك الصعوبات إلى “إحباطات”، إلا أنها تحذر من أن “اليأس هو العدو الأكبر والأخطر الذي يمكن له أن يدمر الشخص العامل في المجال العام”. من هنا، فهي تدعو إلى أن تتوافر المؤسسات المختلفة فرق وكوادر تستطيع انتهاج التفكير العلمي عن طريق “العصف الذهني”، لكي تتجاوز تلك الصعوبات، أو الالتفاف عليها، في أسوأ الأحوال.
قسيسية ترى نفسها حلقة واحدة ضمن سلسلة من الذين أداروا مؤسسة عبد الحميد شومان، فهي من لا تعزل نفسها عن السياق التاريخي، ولا عن الإرث المهم للمؤسسة التي تسنمت هرمها، ضمن سلسلة ضمت العديد من الأشخاص الذين تقول عنهم بأنهم “عملوا بجد وتفان حتى أوصلوا المؤسسة إلى ما هي عليه اليوم، ومنحوها سمعتها الطيبة”، مؤكدة أنها جاءت لتكمل مسيرتهم ضمن رؤيتها الخاصة بالاحتياجات التي تتطلبها المرحلة الراهنة.
في البال أمنيات كثيرة، ومشاريع ضخمة تحلم في أن يتسنى لها إنجازها مع فريقها، والذي تقول إنه “فريق رائع ومبدع ومخلص للعمل العام”، وتشعر بأنها محظوظة جدا كونها تدير هذا الفريق “الذي لا ينظر إلى عمله على أنه مجرد وظيفة، بل ينطلق من شغف حقيقي وحب كبير في تأدية جميع التفاصيل في هذا العمل”.
الحوار مع قسيسية تطرق إلى مجمل عمل المؤسسة، وطموحاتها، والخطوات المقبلة، والمشاريع المستقبلية المدرجة لكي يتحقق “مجتمع الثقافة والإبداع”.
• نقترب من مرور 40 عاما على انطلاق عمل مؤسسة عبد الحميد شومان. عندما تنظرون في أرشيفكم، وفي المحيط، كيف تقيمون عمل المؤسسة؟
نحن نفتخر بإرث عريق، حيث انطلق عمل المؤسسة في العام 1978 بخطوة ريادية من القطاع الخاص متمثلا في البنك العربي إيمانا منه أن نهضة الأمة لا تقوم على المجهود الاقتصادي بل في الإسهام في التأسيس لقاعدة ثقافية ومعرفية تسهم في النهضة الكلية، فكان تأسيس مؤسسة عبد الحميد شومان لتكون مؤسسة لا تهدف لتحقيق الربح، بل تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي، الأدب والفنون، والابتكار المجتمعي.
تتمثل جهود المؤسسة في هذا الصدد من خلال برامجها وأنشطتها المختلفة والتي تشمل منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب وصندوق عبد الحميد شومان لدعم البحث العلمي وبرامج التعليم والعلوم بالإضافة إلى جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال، مكتبة عبد الحميد شومان العامة ومكتبة الأطفال “درب المعرفة”، برنامج السينما وبرنامج الأمسيات الموسيقية.
كما تقدم المؤسسة الدعم للبرامج والفعاليات والأنشطة المتعددة بما يسهم في تحقيق رؤيتها نحو مجتمع الثقافة والإبداع من خلال برامج المنح والتي تضم: منح الفكر القيادي ومنح الأدب والفنون ومنح الابتكار المجتمعي.
نعتز بإنجازات المؤسسة خلال مسيرتها التي أسهمت في التأثير على الساحة الثقافية والعلمية محليا وعربيا، واستهدفت من خلال برامجها المتنوعة جميع فئات المجتمع بمختلف اهتمامته واحتياجاته. كما نعتز باستدامة ومؤسسية البرامج ومواكبتها لجميع التطورات.

• جميع استطلاعات الرأي والمسوحات تؤكد على الدوام أننا “أمة لا تقرأ”. ولكن أنتم في شومان لديكم تجربة ثرية في هذا المجال، وتتمثل في مكتبتين؛ “درب المعرفة” للصغار، والمكتبة العامة للكبار. ماذا تقولون في هذا السياق؟
احتفت المؤسسة العام الماضي بمرور ثلاثين عاما على تأسيس مكتبة عبد الحميد شومان العامة والتي تعمل على تيسير الإنتاج المعرفي لأكثر من 42 ألف مشترك، وتستقبل سنويا ما يزيد على ربع مليون مرتاد للبحث أو المطالعة، وأسست وتدعم ضمن مشاريعها 17 مكتبة في المحافظات، كما تدعم 14 مكتبة بلدية في فلسطين.
خلال السنوات الأربع الماضية، شهدنا ارتفاعا ملحوظا بعدد الرواد والقراء في المكتبة العامة، حيث زادت نسبة الرواد عن 135 %، ونسبة القراء عن 40 %، وهذا رقم يبشر بالأمل. كما شهدنا العديد من المبادرات التي تعنى بالقراءة من أندية القراءة وغيرها التي استضافتها مكتبتنا العامة والتي شهدت إقبالا جيدا.
بالنسبة لمكتبة الأطفال واليافعين “درب المعرفة” التي أعيد افتتاحها العام 2013، فنحن نعمل ونسعى من خلال برامجها المتنوعة إلى تأصيل عادة القراءة لدى روادنا. في العام الماضي استفاد أكثر من 30 ألف طفل وطفلة من برامجها، وزاد عدد القراء من الأطفال واليافعين بنسبة 124 % خلال العام الماضي فقط، وهوعدد كبير وواعد نظرا لحداثة المكتبة وصغر حجمها وشح الأدب العربي النوعي المقدم للأطفال.
من خلال ملاحظاتنا ندرك أن هناك لهفة لدى الأجيال للقراءة إذا توفرت لها البيئة الحاضنة والمحفزة لذلك.
إلا أنه يؤسفنا عدم رؤية أرقام مماثلة في العديد من المكتبات العامة في الأردن، وقد يعزى ذلك إلى أوقات الدوام القصيرة التي تنتهي بانتهاء الدوام الرسمي للمدارس، وندرة الكفاءات المؤهلة التي تناط بها إدارة هذه المكتبات، وغياب الأنشطة الثقافية المتنوعة فيها.

• أقتبس من كلامكم في حفل تكريم الفائزين بجوائز شومان للباحثين العرب، نهاية العام الماضي، حين قلتم: “البحث العلمي ركيزة أساسية لثقافة واقتصاد الدول ودعامة لتطورها وتحقيق رفاهية شعوبها ورفع مكانتها الدولية”. بعد 35 عاما على انطلاق جوائز شومان، كيف تنظرون إلى جهدكم وإسهاماتكم في تطوير البحث العلمي ودعمه في العالم العربي؟
في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات كانت أولى خطوات المؤسسة في دعم المجهود العلمي العربي وإبرازه لما له من أثر في نهضة الأمم ورقيها. فكان إطلاق جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب العام 1982 كأول جائزة عربية تعطى تقديرا للنتاج العلمي المتميز الذي يؤدي نشره وتعميمه إلى زيادة في المعرفة العلمية والتطبيقية وزيادة الوعي بثقافة البحث العلمي، وللإسهام في حل المشكلات ذات الأولوية في الوطن العربي.
فاز بالجائزة حتى اليوم أكثر من 400 باحثة وباحث من أكثر من 50 جامعة ومؤسسة علمية. وخلال السنوات القليلة الماضية قمنا بتطوير الجائزة لتتوافق مع الأولويات العالمية للبحث العلمي، ويتم اختيار المواضيع في كل عام من قبل هيئة علمية متخصصة بما ينسجم مع التوجهات العلمية والعالمية.
لم تكتف المؤسسة بجائزة للباحثين، بل قامت بإطلاق صندوق دعم البحث العلمي في 1999، لدعم المجهود البحثي في الأردن وتعزيز الكوادر العاملة فيه، ليكون البحث العلمي أساسا لصناعات وفرص اقتصادية في الأردن والوطن العربي. وحاليا نعمل على تطوير آلية الدعم لتكون نحو تتجير البحوث وربطها بالصناعات التطبيقية.

• مؤخرا، احتفلتم بإشهار مجموعة اختراعات الأطفال ضمن برنامجكم الجديد “مختبر المبتكرين الصغار”. ما هو هذا البرنامج؟ وماذا تعولون عليه في المستقبل؟
برنامج “مختبر المبتكرين الصغار” أطلقته المؤسسة بالتعاون مع منتدى العلماء الصغار العام 2015 بهدف تعزيز التفكير الناقد والابتكار لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 10- 13 عاما.
يعمل مختبر المبتكرين الصغار على تطوير مهارات الأطفال واليافعين من خلال ورشات علمية وعملية متخصصة توظف فيها التجارب والمشاريع لتنمية قدرات المشاركين على التفكر والبحث والتحليل. وهذه المهارات، التي قلما يتم تطويرها في المدارس، ستساهم في نقل الطفل من مرحلة الحفظ والتلقين نحو التفكير ومحاولة ايجاد الحلول والإبداع.
في دورته الأولى 2015/2016، تم اختيار 22 مبتكرة ومبتكرا من أصل 163 طالبة وطالبا تقدموا للمشاركة. خاض المبتكرون ولمدة عام مراحل عدة تتراوح ما بين تدريبات علمية وتطبيقات عملية طوروا خلالها مهاراتهم وقدرتهم على العمل الجماعي، وقاموا بتحديد مشاكل يواجهها المجتمع والخروج بحلول باستخدام المهارات ومبنية على المعرفة التي توصلوا اليها خلال المرحلة السابقة.
يستمر هذا البرنامج حاليا في عمان في دورته الثانية للعام 2017، كما وقعنا مذكرة تفاهم مع نادي إبداع الكرك لتطبيق مختبر المبتكرين الصغار عندهم في المحافظة.
نهدف من خلال مختبر المبتكرين الصغار إلى تأسيس نواة لجيل من الفضوليين والباحثين والشغوفين بالبحث والتحليل من خلال توفير الأدوات والبيئة المحفزة للإنتاج والابتكار والإبداع، ونطمح أن يكون هذا البرنامج أساسا في عملية التعليم لدينا، كما نأمل في أن يتم تعميمه وتبنيه من قبل جميع المراكز والمدارس في مختلف أنحاء الأردن.
– شومان تقدم الدعم للطلبة المشاركين في مسابقة “إنتل” العالمية. فما الذي تحقق حتى الآن؟ وما هي فلسفتكم الخاصة التي قررتم من خلالها التوجه لدعم هذه المسابقة؟ وما هي خططكم المستقبلية لتطوير الدعم وتعميمه على أكبر فئة من طلبة المدارس المختلفة؟
تحقيقا لهدف المؤسسة في الاستثمار بالإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي، قررت المؤسسة دعم مشاركة الأردن في المعرض الدولي للعلوم والهندسة إنتل، بهدف تشجيع ونشر ثقافة الإبداع الشبابي في مختلف مجالات الثقافة والعلوم. وللعام الثالث على التوالي وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، قامت المؤسسة برعاية مشاركة الأردن في المعرض، وتقديم الدعم والإرشاد لفريقنا المشارك في المسابقة الدولية التي تقام في الولايات المتحدة، وقد أحرز طلبتنا في دوراتها المختلفة مراكز أولى على العالم.
وسعيا منا لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الطلبة للمشاركة، وتحفيزا لهم على إطلاق العنان لقدرات الابتكار لديهم، نعمل الآن على التعريف بالجائزة في مختلف أنحاء الأردن من خلال جلسات تعريفية ودورات متنوعة للمدرسين والطلبة.

• 25 عاما مرت على تأسيس قسم السينما، ببرامج أسبوعية لم تنقطع. كيف ترون تجربتكم هذه؟ وهل استطعتم استقطاب بناء الثقة مع جمهور له ولاء مع برامجكم؟ وهل كان هناك أثر معين لبرامجكم هذه على صناعة الفيلم في الأردن، أو في الثقافة السينمائية في الأردن؟
“السينما هي الحياة”، كما يقول الفرنسيون، فهي تمثل بوتقة جامعة لمختلف التجارب الإنسانية، ومن مختلف الشعوب والثقافات، لذلك فنحن نعمد إلى عرض هذه التجارب لرواد مؤسستنا، مركزين على الأفلام ذات الصبغة الإنسانية، وليست الأفلام المبهرة ذات الصبغات التجارية والميزانيات الضخمة.
السينما وعاء جامع للفنون والآداب التي عرفتها الحضارة العالمية، وليست مجرد منتج ترفيهي، ومؤسسة عبد الحميد شومان أطلقت برنامج العروض السينمائية في العام 1989، ليستديم ويتواصل بعروض أسبوعية لأفلام منتقاة.
تهدف المؤسسة من خلال برنامج السينما إلى إشاعة الثقافة السينمائية في المجتمع وتشجيع التفاعل الثقافي مع الحضارات والثقافات المختلفة، والتعريف بأهم الأفلام السينمائية على اختلاف مشاربها وتنوعها ما بين الروائي والكلاسيكي والتجريبي والتسجيلي، وغيرها من الأفلام.
يقدم البرنامج أكثر من 48 عرضا متنوعا خلال العام، وقد تخطى معدل الحضور 150 متابعا أسبوعيا، إضافة إلى 3 احتفاليات سنوية بالسينما المحلية والعربية والدولية بحضور صناع الأفلام.
بهذا المفهوم، فنحن نقدم إسهاما حقيقيا في تطوير الذائقة الفنية لدى الجمهور من المهتمين وصانعي الأفلام، إضافة إلى التعريف بصناع الأفلام العرب والعالميين، وتوفير فرص التبادل والتحاورمع صناع الأفلام الأردنيين. فضلا عن ذلك، نحن قدمنا الدعم لبعض العروض لإنتاج مشاريع سينمائية أردنية ودعم برنامج محترف الشرق الأوسط للأفلام.

• بالنسبة إلى المنتدى، وبعد ثلاثين عاما على إطلاقه، كيف تقيمون تجربتكم فيه، وكيف ترون ولاء الجمهور لفعالياته؟ وما هي خططكم المستقبلية له؟
منتدى عبد الحميد شومان الثقافي يعد اليوم واحدا من أهم المنتديات الثقافية في الوطن العربي وأطولها استدامة. على مدار 30 عاما، احتفى المنتدى بقادة فكر من الأردن والوطن العربي والعالم.
جاء تأسيسه في العام 1986 ليكون منبرا حرا يعطي الفرصة لجمهور أوسع للتفاعل مع قادة الفكر من العلماء والمفكرين والتربويين والمبدعين المتميزين، ليناقشوا عبره أفكارهم ويشاركوا إبداعاتهم من خلال المحاضرات والندوات الأسبوعية، بما يسهم في تكريس ثقافة الحوار وإشاعة المعرفة.
استطاع المنتدى اكتساب ولاء جمهور وفي من مختلف الاهتمامات والخلفيات والأعمار ممن وجدوا فيه مساحة للتعلم والحوار والنقاش.
اليوم، نشعر بالرضا التام عما قدمناه وما نزال نقدمه على منبر هذا المنتدى، ولكن ذلك لا يمنع أن تكون لدينا خطط جديدة نسعى من خلالها لتطوير عمل المنتدى وتعزيز الندوات المتخصصة التي تناقش أمور الساعة، إضافة إلى خطط لاستضافة قادة فكر عالميين لإبراز نماذج تنموية ناجحة في بلدان أخرى.

– في الفترة الأخيرة، بتم تميلون إلى الخروج من العاصمة باتجاه المحافظات الأخرى، ففي العام قبل الماضي أقمتم “أيام شومان في العقبة”، والعام الماضي جاءت “أيام شومان في إربد”، فهل هو برنامج متواصل؟ وما هي فلسفتكم من خلاله؟ وكيف كان تفاعل الجمهور مع فعالياتكم تلك؟ وأين هي وجهتكم التالية، ولماذا؟

انسجاما مع رسالة المؤسسة “نحو مجتمع الثقافة والإبداع”، وإيمانا منا أن الثقافة حق للجميع، وتليبة لدعوة أهلنا في المحافظات، قمنا بإطلاق برنامج “أيام مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافية في المحافظات”، وهو برنامج يقام بالشراكة مع المحافظات والبلديات ومؤسسات المجتمع المدني والجهات الفنية والثقافية في المحافظة، وتستهدف جميع أفراد العائلة بمختلف اهتماماتهم عبر برنامج متكامل.
غاية البرنامج تأتي من ضرورة عدم حصر الفعل الثقافي في العاصمة، بل تعميم الثقافة ونشرها أولا، والتعريف بمنتوج ثقافي غني ونوعي ومتنوع يسهم في إعطاء مساحة لإبراز المواهب النوعية المحلية.
ومنذ التجربة الأولى في العقبة، والتجربة الثانية في إربد، ومع تضاعف أعداد المستفيدين والتفاعل الرائع من أهلنا، تأكد لنا ضرورة توسيع هذه الفعاليات، وأهمية تضاعف الجهود لخدمة جمهورنا المتعطش في المحافظات، إضافة إلى أهمية الإسهام في تحقيق تبادل في الخبرات الثقافية في أنحاء الأردن.
نعم، هو برنامج مستمر، نحن نعول كثيرا عليه، ونراه تطورا نوعيا في عمل المؤسسة، لذلك فنحن الآن في صدد دراسة وجهتنا التالية.

• بالإضافة إلى الجوائز التي تمنحونها، هناك أيضا برنامج المنح الذي تدعمون من خلاله أشخاصا وبرامج متعددة. ما الذي تهدفون إليه من هذا الدعم؟ وما الذي استطعتم التأسيس له أو تحقيقه؟
نسعى من خلال هذا الدعم الإسهام في تعزيز ونشر الثقافة وإثراء المحتوى العربي النوعي؛ الأدبي والفني والعلمي في جميع أنحاء الأردن، وعلى جميع الوسائط، ودعم المبدعين، وتوجيه الشباب نحو الابتكار والإنتاج المعرفي والثقافي، وتشجيع وتعزيز القراءة، وتشجيع ثقافة الحوار لجميع الأجيال.
كما نسعى لدعم توفير المساحات التعليمية والتطبيقات العلمية والتعليمية، ودعم العاملين في القطاع الثقافي من فنانين وأدباء، خصوصا الشباب منهم، عن طريق دعم الفنون الادائية والفنون السمعية والبصرية والمهرجانات والأنشطة الثقافية المتنوعة، فضلا عن المشروعات الهادفة إلى حفظ الإرث الوطني وحمايته.
من الإنجازات التي نفخر بالإسهام في تحقيقها دعم إنتاج “وقت الفرح” والبرنامج الكرتوني التعليمي “آدم ومشمش” على قناة اليوتيوب، ودعم “المفكرون الصغار” للقراءة القصصية على الإنترنت، وبرنامج “كلنا أبطال” الكرتوني، إضافة لدعم البرنامج الوطني لنشر الثقافة المالية المجتمعية “برنامج التعليم المالي في المدارس”، ومنصة أبجد للقراءة الإلكترونية المجتمعية، وبرنامج محترف الكتابة الإبداعية ودعم مؤسسة “بالعربي” التي تعنى بتطوير المحتوى العربي والعلمي الموثوق ونشره، ومؤسسة فاي للعلوم التي تعنى بوضع أساس علمي قوي وسليم وثابت في عقول طلاب العلم، وغيرها الكثير.
إضافة إلى ذلك، قمنا بإطلاق ألبومات موسيقية لفنانين أردنيين واعدين، مثل طارق الجندي ولارا عليان ويعرب سميرات وتامر قراعين. كما قدمنا الدعم لعروض مسرحية، مثل “شرود وألم عابر” للمخرج عبدالله جريان، ومسرحية “بوابة 5” للروائية ليلى الأطرش والمخرجة د. مجد القصص، إضافة إلى دعم إنتاج مسرحية “الصديق الوفي” الموجهة للأطفال للمخرج عصمت فاروق.
أطلقت المؤسسة برنامج الأمسيات الموسيقية في بداية العام 2014، لتقديم منصة موسيقية تلقي الضوء على تجارب أردنية وعالمية واعدة للاحتفاء بالموسيقا العربية والعالمية وتعمل على إتاحتها لجمهور أوسع، فقدمت حتى الآن أكثر من 30 أمسية موسيقية.
وضمن برامج منح الأدب والفنون تقدم المؤسسة الدعم للأعمال والمشاريع والبرامج التي تظهر جودة وجدّة وقيمة مضافة للساحة الثقافية الأردنية والعربية، وفي المجالات المتنوعة.

• في سياق الأدب، هناك جوائز تمنحونها في مجال أدب الطفل، تخصصونها في كل عام لشكل أدبي معين؛ القصة، الشعر، أو المسرح. كيف ترون تجربتكم في هذا المجال؟ وما حجم الإقبال على هذه الجوائز؟ ولماذا أدب الطفل فقط، فهناك أدب الكبار بمختلف أنواعه. ألا تفكرون بإطلاق جوائز تستهدف الكتاب الكبار، داخل الأردن على الأقل؟

لندرة الأعمال النوعية المقدمة للطفل العربي، أطلقت مؤسسة عبد الحميد شومان جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال في العام 2006 للإسهام في إثراء المحتوى العربي والارتقاء بالأدب الموجه للأطفال العرب بما يثري لغة الطفل وينمي ملكة القراءة والمطالعة والخيال لدى الأطفال واليافعين، ويعزز روح الإبداع لديهم، ويدعم مسيرة الطفولة العربية.
تطرح المؤسسة في كل عام الجائزة في أحد المواضيع التالية: النص المسرحي، الرواية، القصة والشعر،وفي كل عام نرى تزايدا في الإقبال على الجائزة في الآردن والوطن العربي.
نحن دائما نحرص على تطوير برامج المؤسسة ودراسة الجوائز وآليات تحفيز العمل الثقافي، ولن نتردد في استحداث أي جائزة أو برنامج يسعى إلى إحداث إضافة نوعية على الساحة المحلية والعربية.

• تكررون دائما القول إن عملكم يهدف إلى أن تكون الثقافة والإبداع جزءا من الحياة اليومية. في حال مثل هذه، كيف ترون استجابة المستهدفين ببرامجكم، وما هي المعيقات التي تؤثر على نشر رسالتكم هذه؟
في كل يوم نرى أن هناك إقبالا أكثر على زيارة مرافقنا، إما للمطالعة أو حضور فيلم أو ندوة أو حفل موسيقي. نرى العديد من المشاريع الإبداعية والتعليمية التي نسهم في دعمها، ونرى باحثين وقادة فكر أكثر إلهاما. كما نرى أطفالا أكثر شغفا بالقراءة والبحث والابتكار، وجمهورا متعطشا للمنتوج الثقافي الجيد.
ولكننا، ومع اعتزازنا بجميع ما نقدمه، وعلى تنوعه واختلافه، إلا أننا ندرك أن برامجنا ستظل محدودة التأثير ما لم يجرِ انتشار واسع لها بواسطة جميع المؤسسات والأندية والمراكز الثقافية المختلفة في جميع المحافظات. إذا جاز لنا الحديث عن حلمنا، فهذا هو تلخيص لأكبر عقبة تقف في طريق نشر رسالتنا وتعميمها.
إن وجودنا الأساسي في العاصمة عمان، يحتم علينا أن تكون غالبية خدماتنا موجهة للمجتمع القريب، ولعل هذا هو الأمر الذي أوحى إلينا بالانطلاق نحو المحافظات لاستهداف جمهور أوسع. لكننا ندرك أن ذلك يبقي عملنا ضمن مركزية واحدة هي “عمل مؤسسة شومان”.
ما نطمح إليه فعلا من أجل تعميم رسالتنا هو بناء شراكات حقيقية مع جهات فاعلة في مختلف المناطق الأردنية، تتولى نشر برامج استكشاف المواهب ودعمها، من دون أي محاباة.
هذا هو طموحنا وأملنا، ونتمنى أن نستطيع زيادة مساحة الأثر، فالطموح كبير، ونحن على ثقة أنه بالتكاتف مع القطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني والعاملين في المجال الثقافي سنصل إلى الهدف المأمول.

• بعد آلاف الفعاليات على مدار عمر المؤسسة، وبعد برنامج حافل هذا العام، ما هو جديدكم المقبل، وإلى أين يقودكم الطموح في عمل المؤسسة، وما هي الأهداف التي تسعون لتحقيقها مستقبلا؟

من الجيد أن نقول، وبفخر كبير، إن النظر إلى المنجز يجعلنا نبتسم برضى، وإن الإنجازات التي حققناها لا تجعلنا نركن إلى أننا وصلنا إلى ما نريده، بل تجعلنا مشغولين على الدوام بالتفكير في خلق برامج جديدة، نستطيع من خلالها مواكبة التطورات الحاصلة في بلدنا والعالم.
اليوم، نحن نوجه جهود المؤسسة، وبشكل مكثف، لتصميم برامج متطورة في المجالات الثقافية والعلمية للمعلمين والأطفال على مستوى الأردن، إضافة إلى تطوير وتوسع وانتشار أكبر لبرامج المؤسسة في جميع أنحاء الأردن، إما عن طريق الحضور الفعلي أو عن طريق برامج موجهة بشكل مدروس، لكي نصل فعليا إلى مجتمع الثقافة والإبداع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى