اقتصاد

قضية 450 مليونا

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي- د. خالد واصف الوزني – أقر مجلس النواب مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2017، وهو إجراء تشريعي بات ينطوي على بروتوكولات إجرائية أكثر منه دورا تشريعيا يحقق روح المتطلبات الدستورية التي أفردت فصلا كاملا للشأن المالي ووضعت مادة دستورية متخصصة لمشروع الموازنة بما في ذلك من حقوق وواجبات على أعضاء مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان.
إن المقصد التشريعي من اعتبار الموازنة قانونا سنويا يتمثل في أن يشارك مجلس الأمة في الخروج بموازنة تتناسب والوضع الاقتصادي للبلاد بما يُعطي إشارات واضحة حول الخطة الاقتصادية المالية للدولة خلال العام المقبل.
فإن خرجت الموازنة انكماشية في وضع اقتصادي صعب سيعني ذلك أن الحكومة والمجلس توافقا على أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد صعبة، وبالتالي على المستثمر وعلى كل من يتابع الاقتصاد الأردني ان يعلم بذلك وأن يأخذ قرارات استثمارية تتوافق مع ذلك، أي أن الحكومة والمجلس يساهمان في رسم صورة الاقتصاد الوطني للعام المقبل ويضعان أمام المجتمع الدولي الحالة والتوقعات التي يرونها للعام المقبل.
فهل يُعقل أن نطلب من المستثمر أن يتوجه الى اقتصاد لا ترغب حتى حكومته في الإنفاق فيه على المشاريع الرأسمالية ولا ترى متنفسا في الوضع الاقتصادي، بل وتبحث فيه الحكومة، ويساعدها المجلس، عن ايرادات تؤدي الى تخفيض القدرة الشرائية للمواطن وتثبط دور القطاع الخاص وتقلل من قدرته على التوسع والانتاج؟!
الأساس أن يحاول المجلس ايجاد سبل لتعزيز المكانة الاقتصادية للبلاد عبر مساعدة الحكومة بتشريعات توفر المناخ الاستثماري الافضل وعبر اللجوء الى اهل الرأي والمشورة ليقدموا الحلول البديلة للحكومة بما يساعدها على التعامل مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة ويساهم في الوقت نفسه في خلق اقتصاد اكثر حيوية وحركة.
إن قصة توفير 450 مليون دينار لسد العجز المالي للموازنة العامة للدولة حولت الكثيرين في المجلس الى جباة يحاولون مساعدة الحكومة على اجتراح الحلول لتحصيل المبلغ عبر وسائل متعددة جميعها تصب في جمع المبلغ من جيوب فئات مختلفة من الشعب والشركات العاملة، وهو ما يعني تجميع المبلغ من ذات الأشخاص الذين وصل حجم مساهمتهم في الإيرادات العامة، من ضرائب ورسوم وغيرها، ما يزيد على 7 مليارات دينار أردني، والأصل أن نبحث عن سبل نفتح بها الباب أمام قادمين جدد إلى سوق العمل ومستثمرين جدد يساهمون في دفع الضرائب كما ساهم من يعمل ويستثمر في البلاد اليوم.
فمثلا، إذا كان حجم البطالة بالأرقام الرسمية اليوم هو 16 % من حجم القوى العاملة، أي ما يقرب من 300 ألف عاطل عن العمل، فإن العمل على إيجاد وظائف لنصف هذا العدد وبمعدل راتب شهري 200 دينار فقط، سيعني زيادة إيرادات الضريبة على المبيعات بنحو 60 مليون دينار سنويا، على افتراض أن معدل عبئها على الدخل يصل فقط إلى 16 %، في حين أنها تصل الى 40 % على المكالمات الخلوية ونحو 40 % على البنزين واضعاف ذلك على السجائر.
أليس من الأفضل أن نحول عاطلا عن العمل الى شخص منتج ودافع للضرائب بدلا من أن نحاول أن نجمع 450 مليون دينار من دافعي ضرائب ضاقت بهم الدنيا ولم يعد في وسعهم تحمّل المزيد؟! على من يحاول مساعدة الحكومة في التعامل مع العجز المالي أن لا يضع بدائل تؤدي إلى زيادة عبء دافعي الضرائب الحاليين، علينا أن نفكر في الكيفية التي تجعل من العاطل عن العمل ومتلقي الدعم دافعا للضرائب عبر توفير مصادر دخل تؤهله لدفع الضريبة. هل فعلا حاولنا خلال السنوات الأربع الماضية التفكير في سد العجز عبر تحسين الوضع الاقتصادي أم أن الطريقة الأسهل هي في زيادة الضريبة على من هو بين أيدينا من دافع للضرائب ومتحمل لعبئها.
الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى