الرئيسيةريادةمسؤولية اجتماعية

أبو شاكر.. تسعيني ينثر الفرح على المارة

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

يسعى لأن يزرع السعادة والفرحة على وجوه المارة، صغارا كانوا أم كبارا. لا شيء يريده سوى أن يرى ابتسامات تخرج من القلب. كان ذلك بطرق بسيطة لكن معناها كبير، هدايا وإكسسوارات بسيطة وحلوى يضعها التسعيني محمد الشيخ سالم في حقيبته الصغيرة. يمشي كل يوم ساعات لينثر البهجة بين الناس، فقراء كانوا أم أغنياء، ويوزع عليهم تلك الهدايا علّها تغير من يومهم.
منذ تسعة أعوام تقريباً، والحاج أبو شاكر الذي ولد العام 1920، يقوم بهذا العمل. زار صحيفة “الغد” خلال هذا الأسبوع، ليرمي الابتسامة على طريق زوارها وموظفيها، حاملاً حقيبته الأنيقة بلباسه الأنيق، واضعا فيها المئات من حبات السكاكر والحلوى، والكثير من الكرات الملونة والإكسسورارت البسيطة للفتيات.
كل من يشاهد أبو شاكر يأخذه الفضول بأن يتساءل عن سر هذا العمل الذي يقوم به يومياً، ولا يترك شخصاً يصادفه في الشارع أو في وسائط النقل أو المؤسسات والدوائر التي يزورها، إلا ويلقى عليه التحية، ويبادر بتقديم الحلوى له وأغلبها السكاكر، والأساور للفتيات، والكرات الصغيرة للأطفال، عدا عن كونه يتعمد يومياً زيارة المدارس، التي يتواجد فيها الأطفال، ويقدم لهم هذه الهدايا والحلوى، ليجعلهم يبتسمون.
ويعلل أبو شاكر قيامه بهذا العمل اليومي منذ تسع سنوات (منذ تقاعده ووفاة زوجته)، رغبة بنثر الفرح، خصوصا وأن وجوه الناس التي ينظر إليها في الشوارع، أغلبها مليئة بالحزن و”النكد”، والتعب من هموم الحياة، لذلك قرر ولوجه الله تعالى أن ينثر السعادة على كل فرد يراه من خلال تقديم هذه الهدية الصغيرة له، فهي على الأقل قادرة على رسم ابتسامة على محياه، سواء تقبل الفكرة أم لا.
أبو شاكر حينما يشاهد تلك الابتسامات على وجوههم، تنعكس فرحاً عليه وفي قلبه، وهنا السر في رضاه وتقبله للآخرين بكل ما فيهم.
وعلى الرغم من سني عمره، إلا أنه ما يزال يتمتع بصحة جيدة، وذاكرة قوية تساعده على استرداد الذكريات الجميلة في حياته، والتي سرد شيئاً منها خلال حديثه. يضحك من قلبه على ذكريات الطفولة والمدرسة التي قضاها في مدينة السلط مسقط رأسه، وفي مدرسة السلط الثانوية، وكان معروفاً آنذاك بين أصدقائه وزملائه في الحي الذي يعيش فيه بأنه “خفيف الظل ويمتلك روح الدعابة”.
وبقي أبو شاكر على هذه الحال حتى كبر وتنقل بين العمل في الشركات قبل عقود، ثم تقاعد منذ سنوات، وتفرغ لحياته الخاصة والعائلية. هو أب لتسعة أبناء، وابنة واحدة، وجميعهم متزوجون، ولديه 36 حفيدا، وعدد من أبنائه مقيمون في الولايات المتحدة.
قبل أن يخرج للشارع والمؤسسات لبث الفرح يقوم بإسعاد أبنائه وأحفاده، ويعطيهم الحلويات والألعاب والنقود، ليخرج بعد ذلك إلى المجتمع المحيط به، حتى أنه أصبح معروفاً لدى فئة كبيرة من الناس ممن اعتادوا على رؤيته دائماً.
عدا عن ذلك، يتداخل نشر السعادة مع فعل الخير للمحتاجين، لدى أبو شاكر، الذي يحرص على أن يقدم مساعدات مالية لبعض من يشاهدهم يومياً، مثل عمال الوطن الذين يقدم لهم الحلوى ممزوجة بمبلغ مالي متواضع حسب ما يتوفر لديه، وهو يضع ميزانية شهرية لهذه المساعدات، ويقوم أبناؤه بناءً على رغبته بتوفير كل ما يحتاجه من مال.
ويكرر أبو شاكر في كل أحاديثه أنه “شخص محظوظ” يصادفه الحظ الجميل في كل شيء في حياته.
واجه أبو شاكر الكثير من الانتقادات في بداية عمله الشخصي هذا، فكان أبناؤه في البداية من المعارضين لوالدهم، كونه كبيرا في السن ويريدون راحته، بالإضافة إلى أبناء المجتمع الذين لم يتقبلوا الفكرة، بحسب أبو شاكر، وكان يصادف الكثير من الناس الذين يرفضون ما يقدمه لهم من حلوى أو ألعاب، ويواجهونه بالاستغراب والرفض.
إلا أنه لم يكترث لمثل ردود الأفعال تلك، واستمر في عمل ما يقوم به، حتى اعتاد هو على ذلك وأصبح من برنامج حياته اليومي، واعتاد الناس عليه، بل إن أكثرهم ينتظرونه كل يوم.
ويشير أبو شاكر إلى أنه يتوجه إلى مصنع الحلوى، ويحضر كميات كبيرة تتجاوز آلاف الحبات منها، شهرياً، ليكون لديه مخزون كاف كل يوم، بالإضافة إلى توجهه لأسواق الجملة، لشراء كميات أيضاً من الألعاب والإكسسوارات.
ويختصر أبو شاكر أسباب سعادته وراحته في الحياة بثلاثة أمور، ويراها جميلة، وعلى الجميع أن يكونوا كذلك، وهي، كما يقول “لا يمكن أن أغضب وأخاصم أي شخص في حياتي، لا أكره أي مخلوق على وجه الأرض مهما كان، ولا أتبع أسلوب العتاب في حياتي نهائياً مهما بدر”.
ويتذكر أبو شاكر رفيقة حياته زوجته، التي عاشت معه أيام حياته بحلوها ومرها، ويقول إنه يقوم دائماً بتقديم التبرعات “عن روحها” وأن حبه لها ما يزال كما هو، يزور قبرها ما بين ثلاث وأربع مرات أسبوعياً، ويقرأ القرآن عن روحها، على حد تعبيره.
ويطلب أبو شاكر من الناس أن يبتعدوا عن الغضب والعتب واللوم والهموم، وأن يخففوا من حدة تعاملهم مع الأمور حتى لا يكون وقع الهموم عليهم كبيرا ويتضاعف مع الأيام ويؤثر على وضعهم النفسي والصحي.

-(الغد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى