الرئيسيةمسؤولية اجتماعية

4 نماذج محلية نجحت في تطبيق مفهوم الإستدامة للمساهمة بالتنمية

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها الأردنيون من شرائح مختلفة؛ خصوصا ذوي الدخل المحدود، ومع استمرار التأثيرات السلبية لظاهرتي البطالة والفقر على المجتمع، تظهر جلياً أهمية برامج المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص التي تنفذها منفردة أو بالشراكة مع القطاع العام، خصوصاً أن هذا المفهوم نشأ أصلاً لملامسة وتغطية احتياجات المجتمعات المحلية، ومشاركة الشركات لهموم الناس ومشاكلهم.

وعلى الشركات أن لا تتبنّى برامج المسؤولية الاجتماعية للمجتمع وكأنها عبء عليها، بل يجب أن تنظر إليها كواجب يمليه عليها واجبها في المساهمة في التنمية الاقتصادية وكشكل من أشكال ردّ الجميل للمجتمع الذي أسهم في تطور أعمالها وتشكيل أرباحها.

ومن جهة أخرى، يجب أن تركّز شركات القطاع الخاص بمختلف أطيافها على المبادرات والمشاريع التي تحدث تأثيراً طويل المدى في المجتمع أو حياة الفرد الاجتماعية والاقتصادية، فليس أفضل من أن تمس برامج المسؤولية الاجتماعية قضايا البطالة والفقر والمساعدة على تحويل المشاريع الريادية الى إنتاجية، فضلاً عن أهميتها في دخولها قطاعات التعليم والصحة وتوفير المسكن.

صحيفة “الغد” اليومية تحاول في هذه الزاوية أن تتناول حالات لبرامج، أو تعدّ تقارير إخبارية ومقابلات تتضمّن المفاهيم الحقيقية للمسؤولية الاجتماعية لشركات من قطاعات اقتصادية مختلفة تعمل في السوق المحلية.

……………………………………………………………………………………………………

يواظب الخمسيني ” ابو محمد” على العمل بجد – كموظف امن في احدى المؤسسات – والحرص على دوامه اليومي، الى جانب البحث عن اي مصدر اضافي اخر لتأمين دخل مناسب لعائلته، وتوفير تكاليف ابنته الجامعية التي لم تستطع التسجيل للفصل الدراسي الحالي لضيق الحال.

ويقول ابو محمد: “أحاول جاهدا الحصول على منحة لابنتي حتى تتمكن من اكمال مشوارها الدراسي، وابحث عن اية مبادرة من الشركات الكبرى التي نسمع بأنها توفر منحا دراسية لذوي الدخل المحدود”.

وفيما يواصل ابو محمد عمله ، متأملا أن “يأتي الفرج من مساعدة او منحة ليساعد ابنته على تحقيق حلمها في اكمال دراستها الجامعية”، يجهد الشاب الاردني صدام سيالة في تطوير مبادرته ومؤسسته الناشئة التي اسسها قبل اربع سنوات لمساعدة الطلاب المتسربين من المدارس وذوي الدخل المحدود للحصول على تعليم مجاني اضافي.

لكن سيالة يؤكد بان “دعم شركات القطاع الخاص لمبادرة مثل مبادرته هو على قدر كبير من الاهمية لضمان استمراريتها واحداث الاثر الايجابي في تطوير تعليم الاطفال”.
إنّ “المنحة” التي يأمل ابو محمد الحصول عليها من احدى شركات القطاع الخاص، والدعم الذي يبتغيه سيالة لمبادرته، يمكن أن يتوفرا في واحد من برامج المسؤولية الاجتماعية لمؤسسات وشركات اردنية من قطاعات مختلفة.

الا ان خبراء يؤكدون بأن برامج المسؤولية الاجتماعية على اهميتها يجب ان يجري تطويرها ومأسستها وتضمينها لاستراتيجية اكبر هي مظلة “الاستدامة” التي يمكن ان تحدث التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وظهر مصطلح “التنمية المستدامة” في تقرير “مستقبلنا المشترك” المعروف باسم “تقرير برونتلاند”، والذي صدر 1987 عن اللجنة العالمية للبيئة والتنمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.

وفقاً لهيئة برونتلاند، تعرف التنمية المستدامة على أنها “التنمية التي تمكّن من إشباع حاجيات الأجيال الحالية وتحقيق رفاههم دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على إشباع حاجياتهم، آخذة بعين الاعتبار تحديات الحفاظ على الأنظمة البيئية ومحدودية الموارد الطبيعية القابلة للتجدد”.

وتقول الخبيرة في مضمار المسؤولية الاجتماعية الدكتورة منى هندية: “يمكن تعريف الاستدامة على أنها نهج في إدارة الأعمال بشكل مسؤول، بحيث ينجم عنه تأثيرات إيجابية على الصعيد الاقتصادي والبيئي والاجتماعي، كما يمكن القول إنها وعي لتأثير الشركة الإيجابي في البيئة والمجتمع المحيطين بها، والحرص على التخفيف من أية آثار سلبية تسببها عمليات الشركة من خلال تبني المبادرات التي تراعي المقومات الثلاثة الأهم للتنمية، ألا وهي المجتمع والبيئة والاقتصاد”.

وتضيف هندية: “يجب ان تتسم الاستدامة بان تكون سليمة من الناحية البيئية وقابلة للتطبيق من الناحية الاقتصادية وعادلة من الناحية الاجتماعية ومناسبة من الناحية الثقافية، وأن تكون إنسانية تعتمد على نهج علمي شامل”.

وتقول: “تعد معايير الإفصاح جزءاً أساسياً من مبادرات الاستدامة المؤسسية، لضمان الشفافية. وتضع جهات دولية مرموقة معايير محددة لرفع التقارير، وفي مقدمتها المبادرة العالمية (GRI- G4) لإعداد التقارير والميثاق العالمي للأمم المتحدة. وتقدم هذه المعايير إرشادات للشركات تساعدها على أن تحدد أولويات الاستدامة بشكل أوضح ووضع المقاييس المناسبة لتحديد الأهداف والنتائج. من جهة أخرى، فإن مصادقة هذه الجهات، وعلى وجه الخصوص المبادرة العالمية لإعداد التقارير، على التقارير المؤسسية حول الاستدامة تقدم للشركات تقييماً جيداً لمبادراتها في هذا المجال وتساعدها على تطويرها من خلال إجراءات تحسينية فعالة”.

وترى هندية بان الشركات الكبرى في الأردن والتي لها فروع في الدول المختلفة تحرص على تنفيذ التقارير المستدامة وحسب الأصول للحفاظ على سمعتها وللشفافية والمحاسبة وزيادة الربح وزيادة ثقة العملاء والمساهمين، فيما ما تزال الشركات الصغيرة والمتوسطة بحاجة الى تحليل وضع لمعرفة المعوقات التي تحول دون اخراج التقارير المستدامة الخاصة بشركاتهم وعرضها على مؤسسات المجتمع المدني للأخذ بالتوصيات وعمل ورشات تدريبية لتحفيزهم لفهم وتطبيق التقارير المستدامة.

البنك العربي
ويرى البنك العربي بأن تطبيق نهج الاستدامة في الشركات والمؤسسات يعود بالنفع الداخلي عليها، بالإضافة إلى المساهمة في تحسين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المجتمعات التي تعمل بها.
وينصح البنك العربي بتطبيق الاستدامة للشركات من مختلف القطاعات، مؤكدا اهمية ان يتم هذا التطبيق بشكل استراتيجي.
ويوضح بان تطبيق الاستدامة في الشركات يبدأ بوجود التزام من قبل الإدارة العليا وإيماناً منها بوجوب تطبيقها بشكل شمولي في الشركة.
وفيما يتعلق بمتطلبات التنفيذ يبين “العربي” أن من بين أهم العوامل هو تشكيل دائرة للاستدامة بكادر مختص، يختلف حجمها بحسب حجم المؤسسة وطبيعة نشاطاتها، للعمل مع مختلف المستويات والدوائر والأقسام داخل المؤسسة لاعداد استراتيجية الاستدامة ومتابعة تطبيقها في المؤسسة بشكل منهجي. حيث يعتبر هذا من أفضل الممارسات المتبعة عالميا كما أن إعداد تقارير الاستدامة السنوية وفقا للمعايير العالمية GRI يشكل أداة مهمة في متابعة تنفيذ الاستراتيجية وركيزة اساسية لاطلاع اصحاب العلاقة من داخل المؤسسة وخارجها على اداء المؤسسة على صعيد الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية وفقا للمعايير والمبادئ العالمية المختصة في هذا المجال.
ويؤكّد ” العربي” بان تطبيق الاستدامة من قبل الشركات الى جانب أهميته ومساهمته الفاعلة في تحقيق التنمية المجتمعية الشاملة على الصعيد الوطني فانه كذلك يحقق مجموعة من الفوائد للمؤسسات من بينها: تحسين الإنتاجية وتطوير بيئة العمل وتقليل المصاريف وتقليل المخاطر حيث إن تطبيق الاستدامة في الشركات يؤدي إلى تقليل مخاطر الأعمال لديها، لأن وجود استراتيجية واضحة للجوانب البيئية والإجتماعية يؤدى إلى تحليل أية مخاطر قد تنجم من هذه الجوانب والعمل على تجاوزها وربما تحويلها لفرص، الى جانب تحسين صورة المؤسسة وتعزيز قوتها التنافسية.

“زين الاردن”
وترى شركة “زين الاردن” بأن الاستدامة هي مفهوم شمولي لا يقتصر على جانب معين، مشيرة الى تقرير التنمية البشرية 2011 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يقول بان الاستدامة ترتبط ارتباطاً لا ينفصم بمسائل الإنصاف الأساسية، أي المساواة والعدل الاجتماعي وزيادة فرص الحصول على نوعية حياة أفضل، كما يدعو التقرير إلى اتخاذ تدابير عاجلة لإبطاء تغير المناخ، ومنع حدوث مزيد من التدهور، وذلك لأن التدهور البيئي يهدد بانحسار التقدم الذي تحقق مؤخراً في التنمية البشرية لأشد سكان العالم فقراً.
وتؤكد “زين” بان تطبيق هذا المفهوم مهم للجميع للحد من استنزاف الموارد والخيرات بمختلف أشكالها وأنواعها.
وتقول ان الاستدامة ممكنة التطبيق في جميع انواع المؤسسات من كل القطاعات، حتى على المؤسسات غير الربحية ومؤسسات المجتمع المدني.
وتضيف “زين” بان الاستدامة حالها كحال الكثير من المفاهيم الحديثة التي تفتقر إلى تسويقها بالطريقة المثلى وإيصال فكرتها بطرق تبرز أهميتها البالغة، وهو ما يحتم على كافة الأطراف المعنية بذل المزيد من الجهود للتوعية بأهمية الاستدامة وأهمية تطبيقاتها العملية للحفاظ على الموارد الطبيعية.

“نهر الاردن”
ومن جانبها تقول المدير العام لمؤسسة نهر الاردن انعام البريشي بان المؤسسة تطبق مفهوم الاستدامة منذ خمس سنوات وتصدر تقارير استدامة سنوية وفقا لاحداث المعايير العالمية.
وتقول البريشي بان تطبيق هذا المفهوم في مؤسسة غير ربحية مثل “مؤسسسة نهر الاردن” يرتكز على شقين أساسيين: الاستدامة في العلاقة مع القطاع الخاص والمؤسسات الدولية الممولة للمشاريع التي تقوم عليها، والاستدامة في المشاريع التي تنفذها مؤسسة نهر الاردن وتنقسم بشكل عام الى مشاريع تمكين اقتصادي، وحماية الطفل من الاساءة.
وتوضح بأن تبني المؤسسة للاستدامة واصدار تقاريرها السنوية يساعدها كثير في الشقين السابقين.
وتشير الى ان المؤسسة منذ سنوات اوجدت واستثمرت في ايجاد قسم لضبط الجودة ضمن هيكلها التنظيمي الذي يعمل على المتابعة والتقييم وقياس اثر المشاريع المنفذة واصدار تقارير الاستدامة.

“حاويات العقبة”
تتبنى شركة ميناء حاويات العقبة مفهوم الاستدامة منذ 6 سنوات، وفقا للمدير التنفيذي التجاري في الشركة فينسنت فلامنت. ويقول فلامنت بان مفهوم الاستدامة الذي تتبناه الشركة يتلخص بمزيج من المحاور الرئيسية التي تميز عملياتها وأعمالها، وهي: ضمان أمن وسلامة الموظفين، وتقليص الأثر البيئي، ودعم المجتمع المحلي، والتميز التشغيلي، وادماج الموظفين في نشاطات الاستدامة، بالإضافة لتحقيق أداء مالي مستدام، وذلك لبناء مستقبل أفضل لنا ولجميع أصحاب المصلحة المعنيين.
ويضيف بان هناك العديد من المنظمات العاملة في مختلف القطاعات التي لا تقتصر على قطاع الأعمال بدأت تدرك أهمية الاستدامة.
ويقول: “إننا نشهد توجهات محلية ودولية تقودها مختلف الشركات تجاه شفافية أكبر في إفصاحات عملياتها وأثر عملياتها البعيد على البيئة والمجتمعات التي تعمل ضمنها”. ويزيد فلامنت: “ان للاستدامة أثرا كبيرا على العمليات التشغيلية، الأمر الذي يوفر بيئة عمل أكثر أماناً وفعالية من حيث تخفيض التكاليف، هذا بالإضافة إلى الاعتراف والإشادة الدولية”.
ويقول: “نوصي بتبني ممارسات الاستدامة والسلامة لقدرتهما على توفير التميز التشغيلي. ونظراً لطبيعة نهج الاستدامة وكل ما يتضمنه، فإن تطبيقه يتطلب التزاماً كبيراً من إدارة الشركة وموظفيها بدعم من بعض الأفراد من ذوي الخبرة في مجال الاستدامة من أجل ترسيخ مفهومها”.
ويؤكّد ان أحد عوائق تحقيق الاستدامة لدى الشركات الصغيرة هو الإفصاح الفعلي لممارسات الاستدامة، كونه يتطلب موارد داخلية قد تنقص هذه الشركات.

” الغد”

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى