الرئيسيةمسؤولية اجتماعية

“خير الكورة”: نموذج مثالي للمشروع التنموي المستدام

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها الأردنيون من شرائح مختلفة، خصوصا ذوي الدخل المحدود، ومع استمرار التأثيرات السلبية لظاهرتي البطالة والفقر على المجتمع، تظهر جلياً أهمية برامج المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص التي تنفذها منفردة أو بالشراكة مع القطاع العام، خصوصاً أن هذا المفهوم نشأ أصلاً لملامسة وتغطية احتياجات المجتمعات المحلية، ومشاركة الشركات لهموم الناس ومشاكلهم.
وعلى الشركات أن لا تتبنّى برامج المسؤولية الاجتماعية للمجتمع وكأنها عبء عليها، بل يجب أن تنظر إليها كواجب يمليه عليها واجبها في المساهمة في التنمية الاقتصادية وكشكل من أشكال ردّ الجميل للمجتمع الذي أسهم في تطور أعمالها وتشكيل أرباحها.
ومن جهة أخرى، يجب أن تركّز شركات القطاع الخاص بمختلف أطيافها على المبادرات والمشاريع التي تحدث تأثيراً طويل المدى في المجتمع أو حياة الفرد الاجتماعية والاقتصادية، فليس أفضل من أن تمس برامج المسؤولية الاجتماعية قضايا البطالة والفقر والمساعدة على تحويل المشاريع الريادية الى إنتاجية، فضلاً عن أهميتها في دخولها قطاعات التعليم والصحة وتوفير المسكن.
“الغد” تحاول في هذه الزاوية أن تتناول حالات لبرامج، أو تعدّ تقارير إخبارية ومقابلات تتضمّن المفاهيم الحقيقية للمسؤولية الاجتماعية لشركات من قطاعات اقتصادية مختلفة تعمل في السوق المحلية.

“إن المشاريع المختلفة التي تندرج تحت برنامج (خير الكورة) التابع لمجموعة فاين الصحية في لواء الكورة، أثبتت أهميتها في تأهيل الفتيات والسيدات للعمل وإيجاد مصدر دخل لهن، أو تزويدهن بمهارات وخبرات يمكن أن يؤسسن من خلالها لمشاريعهن أو عملهن الخاص في المستقبل، فضلا عن أهمية هذا البرنامج في تحريك القطاعات الاقتصادية المختلفة في اللواء ومشاركة المجتمع في نشاطات اقتصادية واجتماعية مهمة”.
بهذه الكلمات، أكدت المنسّقة الإدارية لمشاريع برنامج “خير الكورة” هدى الخطيب، أهمية هذا البرنامج الذي قالت “إنه أسهم في تخفيف نسبة البطالة المرتفعة بين الشباب والفتيات في منطقة الكورة ومحافظة إربد بشكل عام”، في وقت تظهر فيه الإحصاءات الرسمية أن معدل البطالة في المملكة سجّل نسبة 15.8 % في الربع الأخير من العام 2016؛ حيث بلغت نسبة البطالة 13.8 % للذكور، و24.8 % للإناث.
وقالت الخطيب، التي تحمل شهادة في إدارة المعلومات والمكتبات وتعمل في البرنامج منذ 2013 “إن (خير الكورة) تمكن من تحويل المجتمع الذي يتعامل مع مشاريعه بشكل مباشر وغير مباشر من مجتمع مستهلك الى منتج ومستفيد من الزراعة، واكتساب الخبرات والاستفادة من تطويع نتاج المزروعات لتصنيع المنتجات الغذائية والاستفادة من مخلفاتها لصناعة منتجات أخرى مثل الصابون، وكل ذلك يجري في مقر البرنامج في مبان وأراض تابعة لبلدية “دير أبي سعيد” بموجب شراكة واتفاقية بين “فاين الصحية القابضة” والبلدية”.
ويدخل مشروع “خير الكورة” اليوم عامه العاشر؛ حيث تشير الإحصاءات الى أنه استطاع أن يفيد أكثر من 6 آلاف مستفيد من مختلف مشاريعه وبرامجه التنموية، في اللواء الذي يقع إلى الجنوب الغربي من إربد، وتبلغ مساحته 210 كيلومترات مربعة.

وأطلقت مجموعة “فاين الصحية القابضة” برنامج “خير الكورة” كبرنامج أساسي لمسؤوليتها الاجتماعية في العام 2007 في لواء الكورة؛ حيث تؤكد المجموعة أن المشروع يعد الأول من نوعه كشراكة أردنية متعددة القطاعات موجهة للتنمية المحلية المستدامة، كونه يقوم على شراكة مع القطاع الحكومي بمذكرة تفاهم مع وزارة الشؤون البلدية ووزارة الشباب، الشراكة مع القطاع الأهلي ممثلا باتفاقية مع بلدية دير أبي سعيد، الشراكة مع قطاع المجتمع المدني: وتتمثل باتفاقيات مع مركز العدل للمساعدة القانونية والمركز الوطني للثقافة والفنون، الشراكة مع مؤسسات المجتمع المحلي: وتتمثل بالتعاون مع جمعية وادي جديتا وجمعية برقش التعاونية ومع مديرية التربية والتعليم في لواء الكورة ومراكز الشباب والشابات في دير أبي سعيد.
وقامت “الغد” بزيارة مقر مشروع “خير الكورة” في بلدية دير أبي سعيد المركز الرئيس للواء الكورة الذي يسكنه 150 ألف نسمة.
واطلعت “الغد” على المشاريع الأساسية التي يقوم عليها البرنامج ضمن محور التمكين الاقتصادي والأمن الغذائي ويشمل: مشروع الزراعة الخالية من الكيماويات، مشروع التصنيع الغذائي، مشروع المطبخ الإنتاجي ونشاط تصنيع الأثاث الخارجي من المخلفات، مشاغل الطباعة التغليف، مشروع تصنيع الصابون الطبيعي والشمع، وجميعها تعمل فيها سيدات وفتيات من مختلف قرى اللواء.
ففي مشغل الصابون والشمع تعمل 3 سيدات منهن “أم حمزة”، التي قالت وهي تواصل عملها اليومي في هذه الصناعة: “إنها مهارة جيدة تعلمتها من البرنامج وأصبحت أتقنها لتدر علي دخلا يساعد في مصروف عائلتي المكونة من 7 أفراد”.

وكان المصنع أو المطبخ الإنتاجي يعج بصناديق و”علب” المربى والمخللات والأغذية والأعشاب المجففة التي غالبا ما تزرع في محيط المصنع وتعمل على تصنيعها فتيات من لواء الكورة وقراها، مثل فاطمة بني عيسى التي أكدت أهمية هذا المشروع الذي أصبح يدر عليها دخلا جيدا، وساعدها على اكتساب خبرة يمكن من خلالها أن تؤسس لمشروع خاص في المستقبل.
ويشرف على مشغل الطباعة والتغليف الشاب مالك شاهين الذي قال “إن المشغل يضم 4 سيدات من المنطقة تدربّن وأصبحن يتقن العمل”، مشيرا الى أن المشغل يقوم على تقديم هذه الخدمة لمنتجات مشروع “خير الكورة” أو مصانع وجهات خارج البرنامج.
وقالت المنسقة هدى الخطيب “إن المميز في برنامج “خير الكورة” هو أن المشاريع تعتمد على بعضها بعضا بدءا من الزراعة الى التصنيع فالاستفادة من مخلفات الإنتاج، كما أن الفتيات في مختلف المشاريع يساعدن بعضهن بعضا ليكتسبن خبرات متنوعة تساعدهن على تطوير مهاراتهن وفتح أبواب العمل أمامهن في مشاريع أخرى في المستقبل”.
وجاء اختيار منطقة لواء الكورة -الذي يضم 22 قرية- لتطبيق هذا البرنامج بناءً على دراسة أعدها الصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية حول واقع الفقر والبطالة في الأردن؛ حيث قامت مجموعة “فاين” في ذلك الوقت باختيار منطقة الكورة نظراً لارتفاع نسبة الفقر فيها بالتزامن مع توفر الموارد الطبيعية غير المستغلة، هذا إلى جانب رغبة المجتمع المحلي في الانخراط في مشاريع اقتصادية-اجتماعية تحسن من الأوضاع المعيشية.
وعن إنجازات المشروع بالأرقام حتى نهاية العام الماضي، أوضحت مجموعة “فاين الصحية القابضة” أن مجموع المستفيدين من برنامج “خير الكورة” تجاوز 6000 مستفيد، وفي محور التمكين الاقتصادي والأمن الغذائي بلغ عدد خطوط الإنتاج 10 خطوط، وبلغ عدد المنتجات الغذائية 320 منتجا، وبأنه في العام 2016 تم إضافة خطي إنتاج جديدين؛ خط إعادة تدوير الورق وخط تقطير الأعشاب مضيفا 20 منتجا جديدا، كما أشارت المجموعة الى أن مبيعات المشروع في العام 2015 بلغت (54 ألف دينار).
وبالنسبة لمشروع الزراعة الخالية من الكيماويات، قالت المجموعة إن عدد المنتجات المصنعة في العام 2015 بلغ (25.795) منتجا في مشروع التصنيع الغذائي، وفي مشروع المطبخ الإنتاجي ونشاط تصنيع الأثاث الخارجي من المخلفات بلغ عدد المنتجات المصنعة في العام 2015 (3.481) منتجا، وفي مشاغل الطباعة والتغليف بلغ عدد المنتجات المصنعة في العام 2015 (5.169) منتجا، أما في مشروع تصنيع الصابون الطبيعي والشمع فقد بلغ عدد المنتجات المصنعة في العام 2015 (4.139) منتجا.

ولا يقتصر مشروع “خير الكورة” على محور التمكين الاقتصادي، بحسب ما أكدت مجموعة “فاين” التي أوضحت أن المشروع تمدّد ليشمل محور التعليم من خلال مشاريع “الروبوتيكس” الذي استفاد منه 100 طالب وطالبة، وشمل تدريب 21 معلما ومعلمة، ومشروع الجيمس الذي استفاد منه 46 معلما ومعلمة وأكثر من 150 طالبا وطالبة، وبرنامج دعم مجموعة الكشافة والتطوع المجتمعي الذي استفاد منه 34 عضو كشافة، وبرنامج معرض وجائزة الوسائل التعليمية الإبداعية الذي استفاد منه 70 معلما ومعلمة، وبرنامج محو الأمية الحاسوبية لربات المنازل الذي استفادت منه 108 سيدات.
وقالت “فاين” إن المشروع ركّز أيضا على محور الثقافة والفنون والشباب؛ حيث أسهم في إنشاء فرقة الدبكة المحلية، وفرق المسرح، واستفاد من المحور 18 شابا وشابة، كما أشارت الى أن المشروع ركز أيضا على محور المساعدة القانونية من خلال ما أسمته بالعيادة القانونية وتقديم جلسات وورشات التوعية القانونية؛ حيث استفاد من محور المساعدة القانونية 3.920 شخصا، وتم عقد 41 جلسة قانونية وتقديم 129 استشارة قانونية مجانية والبت مجانا في 20 قضية تخص أبناء لواء الكورة، وهناك لتاريخه ما تزال 86 قضية تحت النظر في المحاكم.
وأكدت “فاين” أنها ستواصل العمل على أن يكون برنامج “خير الكورة” مستداما وقادرا على خلق فرص عمل حقيقية وتأمين دخل مستدام للمستفيدين منه، بالإضافة إلى دعمه للاقتصاد المحلي والتنمية الاجتماعية بشكل عام؛ حيث تكللت جهودنا بتحقيق العديد من قصص النجاح خلال السنوات الماضية.

” الغد”

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى