مقالات

العمل وتنمية الموارد البشرية

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – د. خالد واصف الوزني

لا أحد يحسد وزارة العمل على العبء الكبير الذي تنوء به خاصة في متابعة شؤون العمالة الوافدة من بداية الاستقدام الى نهاية العمل مرورا بتمديد الإقامة وغيرها من المتطلبات.
والحقيقة أنني أشفق على وزارة العمل والقائمين عليها، وجميعهم أكن لهم الاحترام والتقدير، في التعامل مع ملفات العمالة الوافدة وتجد أن الوزارة منشغلة بشكل كبير في قضايا العمالة الوافدة ومشاكلها وتحدياتها من استقدام وتصاريح عمل وتصويب أوضاع وملاحقة المخالفين والتفتيش والترحيل مرورا بتحصيل رسوم تجديد رخص العمل والاعفاء من الغرامات وغيرها من الهموم التي لا تحسد عليها الوزارة.
بل ويصل الأمر أحيانا في السفر الى دول معينة لفتح سوق استقدام العمالة الوافدة منها وخاصة في مجال العاملات في المنازل.
وفي هذا كله تكاد تشعر أن الوزارة هي في الأساس وزارة العمالة الوافدة، بالرغم من قيامها بالعديد من المهام التي تخدم العمالة المحلية في مجالات التدريب المهني والضمان الاجتماعي وفي مجالات فض النزاعات العمالية وغير من المهام التي لا شك أنها مهمة للعامل الأردني.
بيد أن الظاهر للعيان والواضح من خلال متابعة جميع ما يصدر عن الوزارة وكأن العمالة الوافدة هي محور اهتمام الوزارة ومحور عملها. ولعل من باب النصح والمشورة القول هنا أن وزارة العمل يجب أن تتحول بشكل فعلي نحو وزارة لتنمية الموارد البشرية، وهو مسمى معمول به في العديد من الدول حول العالم بما فيها الدول العربية، وأن يكون اختصاصها الأول هو رسم خارطة عمالية للموارد البشرية الأردنية تنطلق من التعاون مع المدارس في المستويات المختلفة للتعليم وارتباط ذلك بسوق العمل مرورا بمراحل التعليم المختلفة من تدريب مهني وكليات مجتمع وجامعات وانتهاء بمراحل تنمية المورد البشري خلال فترات العمل، بما في ذلك الحقوق العمالية من تأمين صحي وضمان اجتماعي وإجازات وعطل وفترات رعاية من أمومة وحضانة ورعاية أطفال.
إن اهم ما يمكن أن تقوم به الوزارة للعامل الأردني، أو للمورد البشري الأردني، هو التخطيط لمستقبله الإنتاجي في الاقتصاد وتوجيهه نحو المهن والوظائف المناسبة لمتطلبات سوق العمل والمساعدة في تأهيله لهذه المهمة. وعلى المستوى الجندري، فإن الوزارة معنية بشكل كبير في إدماج حقيقي للمرأة في سوق العمل الأردني وبشكل يتناسب وسمعة الأردن الطيبة في المسألة الجندرية والتي يعتبر الأردن فيها من أهم الدول في التعامل مع قضايا المرأة وحقوقها ولكنه من اقل دول العالم في مساهمة المرأة في سوق العمل. وحتى في مسألة العمالة الوافدة، فإن مهمة الوزارة يجب ان تتحول الى تنويع سوق العمالة الوافدة، على غرار ما هو مطبق في دول الخليج، وهو أمر افاد في تخفيض أجور العمالة الوافدة من جهة وأفاد في تنويع الخبرات من جهة أخرى.
الظاهر للعيان اليوم أن سوق العمالة الوافدة، خاصة في مجال البناء والزراعة والخدمات اللوجستية المختلفة من نظافة وغيرها، سوق مسيطر عليه ومحتكر بشكل كبير، والمصلحة تحتم فتح السوق بشكل أكبر ورفع القيود عن العديد من العمالة المستخدمة أصلا في دول الخليج. ولكن الأهم من ذلك كله هو إيجاد وظائف مناسبة للعمالة الأردنية في المهن التي تتناسب وكفاءتها وقدراتها العمالية ومهاراتها المهنية.
اعتقادي أن القائمين على وزارة العمل اليوم، وخاصة وزير العمل وأمين عام الوزارة الحاليين، من الكفاءات الأردنية التي أثق أنها قادرة على التحول بالوزارة نحو تنمية الموارد البشرية الأردنية، واعتقد أن الوقت مناسب حتى لتغيير المسمى وتغيير المضمون نحو هذا الطرح والبدء فورا وبالتعاون مع الجهات المعنية في الحكومة والقطاع الخاص بمهام وضع خارطة طريق للعمالة الأردنية وخارطة عمالية للموارد البشرية تبدأ من المدرسة وتستمر حتى نهاية فترات العمل والتقاعد. وكل عام وعمال الأردن والعمال في العالم اجمع بألف خير.

-(الغد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى