ريادة

هل من يتمتعون بالذكاء العاطفي يملكون ذكاءً عقليا مرتفعا؟

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – عبد العزيز الخضراء *

“كيف تستخدم ذكاءك؟”.. عنوان كتاب الدكتورة “جين آن كرخ” المحاضرة والمربية التي مارست الإرشاد النفسي في عدد من المؤسسات ما يزيد على 25 عاماً.
وفي هذا الكتاب قامت المؤلفة بتأمل ثاقب لعواطف الإنسان وخطت في مملكة المشاعر وأضاءت جوانب تأثيرها في مسار حياتنا حتى قمة النجاح.
وأكدت أن الناس الذين يتمتعون بذكاء عاطفي قد لا يملكون بالضرورة ذكاءً عقلياً مرتفعاً جداً، بل هم غالباً أفراد يتمتعون بمستوى ذكاء طبيعي، لكنهم عمليّون وقادرون على تكييف تعاملهم مع معظم الأوضاع الحياتية التي تواجههم، وهم بشكل عام أفراد إيجابيون متفائلون يتمتعون بصفات الحنان والتعاطف مع الآخرين، وبالتالي قادرون على تأويل انفعالاتهم وانفعالات الآخرين بشكل إيجابي.
وترى أن انخفاض الذكاء العاطفي يجلب للأفراد الشعور السلبي كالخوف، الغضب، العدوانية، وهذا بدوره يؤدي إلى استهلاك قوة هائلة من طاقة الأفراد، كما إنه يساهم في انخفاض الروح المعنوية، الغياب عن العمل، الشعور بالشفقة، ويؤدي إلى سد الطريق في وجه العمل التعاوني البناء.
كما أن الذكاء العاطفي يشكل أحد المتغيرات الأساسية التي أخذت بالبروز كأحد الصفات المكونة للقيادة الإدارية الفعالة ذلك أن التعامل مع العواطف والمشاعر يمكن أن يساهم في التعامل مع احتياجات الأفراد وكيفية تحفيزهم بفاعلية، فالقائد الذي يتمتع بذكاء عاطفي تكون لديه القدرة على استخدام الذكاء الذي يتمتع به لتحسين ورفع نوعية ومستوى قراراته، وكذلك على إدخال السعادة والبهجة والثقة والتعاون بين موظفيه من خلال علاقته الشخصية.
والخطوة الثانية من النجاح تتمثل في إدارة العواطف التي تلعب دوراً كبيراً في تعزيز الاحترام للذات، وذلك لتأثير العواطف على أحاسيسنا وإنتاجنا.
وإذا شعرت بعدم الرضا عن نفسك، أو أن الآخرين يعاملونك بطريقة غير لائقة، اعمل أن تسبر أغوار مشاعرك أولاً، ومن ثم حافظ على توازنك من خلال الأفكار والأَفعال التي تعزز من احترامك لذاتك، ولعمل كل هذا عليك أن تغير رأيك في نفسك، وفي الآخرين، وفي كيفية السيطرة على مشاعرك وأحاسيسك بدلاً من أن تكون ضحية لها.
ولكي تتخلص من هذه المشاعر عليك أن تتعامل معها بطريقة تعزز فيها احترامك لذاتك، وتبتعد فيها عن مشاعر الازدراء من نفسك باتباع ما يلي:
ـ اعترف لنفسك بمشاعرك المؤذية وتعامل معها بموضوعية.
ـ لا تحاول لوم الآخرين، لِتصوِّغ لنفسك المبررات، بل ركز على أمور أكثر إشراقاً في حياتك.
ـ غيِّر أفكارك عن نفسك واجعلها بحالة إيجابية “أنا بحالة ممتازة”.
ـ اِنشَط في الأمور التي تشعرك بالراحة، وما هو مهم بالنسبة لك.
ـ كن دائماً مستحضراً لمشاعرك وعواطفك السعيدة: حاول أن تستمتع بمزيد من السعادة والبهجة والسلام عند اختيار هذه المشاعر لنفسك لأن هذا سيعزز من احترامك لذاتك ومن قدرتك على مواجهة مصاعب الحياة.
إنك إذا درَّبت نفسك على تجاوز المواقف السلبية، ستكون في محطة زيادة ذكائك العاطفي، خصوصاً إذا حدَّدت تماماً المواقف التي تكون فيها حزيناً أو غاضباً أو سعيداً، وتدرُّبك على انتقاد نفسك وتقويمها سيضاعف من ذكائك العاطفي، وسترسو سفينة عمرك على شاطئ السلامة والسعادة والاعتزاز بالذات.
* الذكاء العاطفي يمنحك النجاح:
الذكاء العاطفي يعني أن تكون لديك حساسية تجاه مشاعرك ومشاعر الآخرين، وهو ليس بالأَمر الصعب ولا المعقد، إلا أنه بحاجة منك أن تتدرب عليه ليكون لديك ما يسميه (بروس كراير) المهارات الأربع الجوهرية التي تحقق القيادة الشخصية والتوازن العاطفي وهي: الوعي بالذات، والإدارة العاطفية، والتعاطف، والعلاقات الإيجابية، ويقول (كراير) عن هذه المهارات أنها تمنح الفرد المرونة الشخصية، والمهنية العميقة، التي تلعب دوراً حيوياً في الوقاية من المصاعب والتغلب عليها خلال هذه الفترة التي تتسم بالتغيير المتصاعد
ـ الوعي بالذات: وهي مهارة تتطلب أن تكون على معرفة واتصال بنفسك بحيث تعرف ماهية شعورك عندما تشعر به، وتتضمن:
ـ فهم الذات.
ـ إدراك مشاعر الذات.
ـ استخدام الحدس: وهو قدرتك على التخمين وعلى استخدام مشاعرك بشكل فعال في اتخاذ القرار وعلى ثقتك بهذه المشاعر.
إذ إن الأحداث والخبرات والمشاعر المصاحبة تُختزن في اللوزة ـ في الدماغ ـ فعندما تتعرض لموقف فإن الحواس واللوزة تبحث في السجلات المخزونة لموقف مشابه، فتعطيك نفس المشاعر سلبية كانت أم إيجابية، وهي تلك التي شعرت بها في نفس الوقت
2 ـ إدارة العواطف: وهذه المهارة لا تمكنك فقط من وضع استجاباتك العاطفية في موقعها الصحيح، وإيجاد طرق إيجابية للتخلص من المشاعر السيئة، بل إنها تمكنك من تفجير ينابيع العواطف العميقة التي توفر الوقود التحفيزي الذي يُمكِّنك من التغلب على المراحل الصعبة عندما يشتد الخطب ويحسن هنا أن نتحدث قليلاً عن:
أ ـ تحفيز الذات: وتتمثل بالقدرة على فهم الشعور الشخصي وقت حدوثه والقدرة على رصد المشاعر من لحظة لأخرى، ومعرفة الأَشياء التي تحفزنا وتأثير ذلك على الآخرين، أي توجيه العواطف في خدمة هدف ما بكل ثقة.
ب ـ مواجهة الصعاب: وهي القدرة على مواجهة الصعوبات ومقاومة الإحباطات والتحكم بالانفعالات، والعمل بكل جد ومثابرة وفي مزاج منتظم لا يخضع للنزوات العابرة فلا ينبغي أن تؤثر المصاعب على قدرة التفكير والتروي في الأمور، وأن يتحلى بالود والمحبة والأَمل.
3 ـ (التعاطف) أو (التقمص): وهي موهبة لا تعني أكثر من وجود وعي وحساسية تجاه مشاعر الآخرين وآرائهم.
4ـ العلاقات الإيجابية: وهي الموهبة الاجتماعية المهمة للغاية التي تمكنك من أن تترك مشاعر إيجابية ودافئة لدى الزملاء والأسرة، تلك التي تنتشلك من خضم بحر علاقات مليء بالصخور لتنقلك إلى بر الأمان، وتشمل هذه:
العلاقات الإنسانية والاجتماعية:
وهي القدرة على التعرف كيف يشعر الآخرون والتعامل معهم من خلال هذا الفهم، وكذلك القدرة على التقاط الإشارات الاجتماعية وهي مهارة إنسانية جوهرية، وفن في تطويع عواطف الآخرين وهذه تحتاج للتعامل بحساسية مع الثقافات والبيئات الأخرى، لتغدو قادرة على إدارة العلاقات الاجتماعية بصورة إيجابية وفعالة.
وهنا يبرز التأثير الوجداني للتعامل الإيجابي مع الآخرين، وتقع تحت مظلته:
القدرة على الإقناع، وهي أن تمتلك:
ـ القدرة على إقناع الآخر..
ـ القدرة على التحدث بلغة يفهمها الآخر.. لا تنتقد، اِمدح ما يستحق المدح، كن واقعياً واظهر على حقيقتك.
ـ الخلاف البنّاء، ويشمل: ـ معرفة نقاط الاتفاق.
ـ تحديد البدائل والطرق المؤدية للحل.
ـ ضبط النفس.
ـ رؤية مستقبلية مع قدرة على الإنجاز.
ـ ولكي نكون قادرين أن نعمل مع فريق:
يجب معرفة ما يلي:
ـ ما من شخص ذكاؤه يفوق مجموعة..
ـ لتحقيق النجاح يترافق الذكاء العاطفي مع الذكاء العقلي.
ـ تقبَّل الرأي الآخر: الاعتراف بالخطأ (إن وجد) وتغيير الرأي.
ومن الطبيعي أن يختلف الناس في قدراتهم عندما يطرقون أبواب هذه المجالات المختلفة، ومن يتمتع بنعمة الذكاء العاطفي، يعرف حقيقة مشاعره، ويستطيع أن يضعها في نصابها الصحيح، ليتصرف إزاءَها بشكل جيد، كما يستطيع الإحساس بمشاعر الآخرين وتكون لديه القدرة على خلق حالة من التوازن في حياته العاطفية، وتكون لديه أيضاً قدرة على التركيز والتفكير بذهن ناشط متقد وصافٍ ومبدع.
إن الأشخاص الذين تتأسس لديهم هذه المهارات سيتمكنون من رفع ذكائهم العاطفي، وسيتمتعون بحب الآخرين وسينجحون في علاقاتهم الاجتماعية والمهنية، وفي استثمار الغرائز الفطرية، فهم يعرفون كيف يغرسون في الآخرين المشاعر الإيجابية المفيدة والضرورية كالهدوء والحب والتعاطف والحماسة والصداقة، وسيمتلكون القدرة للتغلب على المشاعر السلبية الهدامة، مثل الغضب واليأس والشفقة بالذات.
الى ذلك، من يتمتع بالذكاء العاطفي، لديه مهارة تقييم مشاعره بشكل دقيق وصحيح للموازنة بين الصادق من مشاعره من ناحية، والاحترام والمجاملة ومراعاة مشاعر الآخرين من ناحية أخرى، ولا عجب فهؤلاء الأفذاذ من الأشخاص يكونون دائماً في الصف الأول بين أولئك الذين يحظون بالمدح والثناء الصادق والمؤثر والدافع لمزيد من المكتسبات على الصعيدين الشخصي والمهني.

* كاتب وباحث تربوي -(الغد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى