مقالات

كلكم متهمون

شارك هذا الموضوع:

جمانة غنيمات

فجأة ترتفع معدلات البطالة وتقفز أكثر من 3 نقاط في ثلاثة أشهر، لتبلغ 18.2 %، وفق التقرير الربعي حول معدل البطالة في المملكة الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.
الرقم مرعب، ويجعل المرء يضع يده على قلبه، لأن مضامين النسبة الجديدة تؤكد أن مزيدا من شبابنا مهمَلون وعلى الهامش، وعاجزون عن الحصول على فرصة عمل.
المعنى الموجع للقصة يتمثل بغياب الأمل والأفق كما الحلم لدى شبابنا، الذين نعلم أن بطالتهم وتعطلهم ليس إلا الطريق الأسهل لفقدانهم، كونه يجعلهم فريسة سهلة للفراغ الذي يفتح عليهم كل أبواب القلق.
في التفاصيل، وتبعا للأرقام الرسمية الواردة في التقرير، ارتفع معدل البطالة للربع الأول من العام الحالي بمقدار 3.6 نقطة مئوية عن الربع الأول من العام 2016، وبمقدار 2.4 نقطة عن الربع الرابع من العام 2016.
وبلغ معدل البطالة للذكور 13.9 % خلال الربع الأول من العام الحالي مقابل 33.0 % للإناث لنفس الفترة. ويتضح أن معدل البطالة ارتفع للذكور بمقدار 1.2 نقطة مئوية، وارتفع للإناث بمقدار 9.3 نقطة مئوية عن الربع الأول من العام 2016.
المصير واضح، والنتائج لن تكون مفاجئة إلا لمن غيّب العقل والمنطق، فهؤلاء الشباب لهم مصائر محددة أولها الإحباط والاكتئاب وغياب الإحساس بالتقدير، وهذا الوضع يفتح الباب للأفكار المتطرفة لاختراق شبابنا سواء بالانزلاق نحو العنف والجريمة، أو نحو الفكر المتطرف، أو المخدرات، وربما الانتحار، إلا من رحم ربي.
بالعودة إلى الأرقام والزيادة الخطيرة فيها، ثمة ثلاثة تفسيرات؛ الأول أن المنهجية المطبقة تاريخيا كانت تخفي الحجم الحقيقي للمشكلة، وهو الأمر الذي قيل حوله الكثير والحكومات “ذان من طين وأخرى من عجين” ولا تريد أن ترى الحقائق الخطيرة.
أما التفسير الثاني، فيرتكز على مؤشرات واضحة أهمها قدرة الاقتصاد على توليد فرص العمل والتي تراجعت أيضا نتيجة تدني معدلات النمو وتراجع حجم الاستثمارات المولدة لفرص العمل، كما تقول الأرقام الرسمية.
أما القراءة الثالثة، فتشي بضعف معالجة تشوهات سوق العمل وزيادة التنافس بين الأردنيين مع غيرهم من العمالة الوافدة، وتحديدا الجديدة منها المتمثلة بعمالة السوريين، حيث يتواجد نحو 1.2 مليون نسمة بحسب التقرير الأخير لمنظمة العمل الدولية.
الأرقام خطيرة ومخيفة وتخفيضها لحدود آمنة تنسجم مع أمن واستقرار المجتمع يحتاج إلى إعلان حالة الطوارئ من قبل حكومة
د. هاني الملقي خشية على مستقبل شبابنا، رغم أننا لم نسمع تعقيبا واحدا عليها من المسؤولين، ربما خجلا؛ لا أدرى!
بعد ذلك على الحكومة أن تخلع ثوب النمطية وتخرج من قوقعتها وتنظر إلى حقيقة المشهد المحلي؛ آلاف الشباب العاطلين عن العمل، والطابور طويل، وسط بيئة تنخرها الواسطة والمحسوبيات، ما يغيّب تكافؤ الفرص ويضرب فكرة العدالة بقوة ويضاعف الإحساس بالتهميش والإقصاء لدى هذه الشرائح.
بصراحة، وفي ظل قراءات وتحليلات غير رسمية تتوقع أن نسب البطالة أعلى من تلك الأرقام الرسمية، على الحكومة أن تعلن حالة الطوارئ، وأن تراجع استراتيجية التشغيل، واستراتيجية تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، واستراتيجية سوق العمل وتشوهاتها، واستراتيجية الاستثمار التي تعتريها كلها عيوب التنفيذ.
وعلى الوزراء المعنيين تحمل مسؤولياتهم، بدءا من وزير الصناعة والتجارة، والتخطيط والتعاون الدولي، والخارجية وشؤون المغتربين، والسياحة، والطاقة والثروة المعدنية، والمالية، والأشغال العامة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والداخلية والمياه.
لقد أخّرت ذكر وزير العمل عن عمد، لأن معالجة البطالة ليس ملف وزير العمل وحده بل الجميع شركاء في المسؤولية ومتهمون في التقصير في معالجة البطالة التي تنخر في مجتمعاتنا.

-الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى