الرئيسيةريادة

رشا.. كفيفة تتخطى هاجس العتمة وتبدع بصناعة الورود الخرزية

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

وجدت بالورود نقاء وصفاء ومعنى يحاكي الروح، وعالم تعيشه بفرح. فبدأت تمسك حبات الخرز الملونة لتصنع منها أشكالا متعددة لضمم ورود ترسمها بخيالها وتنتجها يداها، وكأنها ترسم حياتها بألوان تراها بداخلها، وتعيش بذاكرتها.
الأمل هو سر إبداع وتميز الكفيفة رشا عزت (41 عاما)، التي تحاول بتفاؤلها وبحبها الكبير للحياة أن تتجاوز عوائق كثيرة تتسبب في تعثرها حتى لو مؤقتا. لا تتأثر أبدا بتلك الأحكام المسبقة التي تهدف إلى إضعافها والنيل من إرادتها بل على العكس تصر على أن تثبت للجميع أن التجربة وما تعلمته من خبرات هي مصدر نجاحها وتألقها.
رشا تملك شخصية قوية، والتي أيضاً تعرف تماما كيف تطوعها لتحقق ذاتها وتمضي بأحلامها إلى حيث التفوق. قررت أن تتحدى لتبقى صامدة متزنة تطمح للأفضل دائما بدون أن تسمح لليأس بأن يتسلل إليها ويسترق شيئا من ذلك الفرح الذي يسكن روحها المحبة المتمردة الباحثة أيضا عن حقها في أن تتساوى مع غيرها وتكون لها بصمة تميزها وتضمن لها أن تعيش الحياة كما تستحق هي لا كما يريده لها الآخرون.
“التشخيص الخاطئ لحالتي المرضية كان السبب وراء فقداني الكامل للبصر حينما كان عمري 12 عاما”، هكذا تقول رشا التي تبين أن تكهنات كثيرة وغير منطقية أدت إلى انتقالها من النور إلى العتمة بدون سابق إنذار، وجعلها تختبر عالما كانت تجهله تماما، وجدت صعوبة بالتأقلم معه.
لكن بالرغم من ذلك كله، استطاعت أن تجتاز المرحلة الثانوية بنجاح، كما تقول، مرجعة الفضل في ذلك إلى الله أولا ومن ثم إلى أسرتها وتحديدا والديها اللذين سانداها كثيرا وأسهما في صقل شخصيتها حتى أصبحت على ما هي عليه الآن، تعتمد على نفسها، لا تعرف العجز أبدا. كل ما فيها ينبض بالإيجابية والتحدي والإصرار، وتسعى لتأكيد وجودها في مجتمع تعتبره مقصرا في حق فئة لديها من الإبداع الكثير.
وعن موهبتها، تقول رشا إنها اختارت العمل في تزيين الورود، ولم يكن عبثيا، بل كان نتيجة اقتناع داخلي نابع من إحساسها بأهميته وبقدرته على محاكاة الروح وتنقيتها من أي ضغائن قد تتسرب إليها.
تنميتها لهذه الموهبة أخذت منها وقتا طويلا كونها اعتمدت على مجهودها الشخصي. تقول “بحكم معرفتي الجيدة لشكل الوردة تمكنت من أن أصنعها من الخرز بأشكال وأحجام وألوان مختلفة بكل إتقان حسب رأي المحيطين بي”، مبينة أنها تضع الخرز في علب مختلفة كل لون على حدة وكتبت عليها بطريقة برايل، لتميزها ولتتمكن بالتالي من اختيار اللون الذي تريده بسهولة وبدون الحاجة لأحد.
رشا، كغيرها من ذوي الإعاقة، عانت كثيرا، وقاومت كل الظروف الصعبة التي تعترض طريقها من مشكلات حرمتها بعض الشيء من أن تمارس حياتها بشكل طبيعي وخاصة في التنقل الخارجي.
وتبين أن هنالك أشخاصا يسمحون لأنفسهم بالتعدي عليها لفظيا وإيذائها نفسيا بدون أدنى مراعاة لمشاعرها، أو لأي اعتبارات إنسانية أخرى، وبالتالي هذا كان سببا بأن “نفقد شيئا فشيئا حريتنا، وذلك الأمان الذي يمنحنا فعليا رغبة لنكون أعضاء منتجين في المجتمع”.
رشا تؤكد أنها مع كل ذلك تجاوزت كل ما يحبطها، وأكثر ما تتمناه اليوم هو أن تنجح المرأة الكفيفة في التغلب على إعاقتها من خلال تسلحها بالعزيمة وبالتصميم الجاد لتحظى بتقدير من حولها. هذا كله سيساعدها على التحرر من قيود أرهقتها وسلبتها حقها في أن تستقل ماديا، وذلك بإتاحة المجال أمامها لتعمل بما يتناسب وقدراتها بعيدا عن التعجيز والمراوغة التي يلجأ إليها بعض أرباب العمل الذين يقللون من شأن هذه الفئة، ويرون أن من الأفضل لها أن تعزل نفسها خلف تلك الجدران الصماء التي لا تبالي نهائيا بوجع الآخر وألمه حتى يريحوا ضمائرهم ويعفوا ذواتهم من المسؤولية!.
وتوضح رشا أنها تطمح لأن يكون لها معرضها الخاص الذي تستطيع من خلاله التسويق لمنتجاتها وتطوير الوردة تدريجيا، بحيث تسخر لها كل الإمكانات لتحويلها في المستقبل إلى وردة ينبعث منها الضوء أو الموسيقى بالاعتماد الكامل على جهدها الشخصي وإصرارها الكبير على أن يصبح هذا الحلم حقيقة تبصر النور.
وتتمنى بأن تتكاتف جميع الجهود لدعم المبدعين الموهوبين بغض النظر عن الإعاقة وحتى يكون بمقدورهم مكافأة أنفسهم والتحليق عاليا بأمنيات حدودها السماء.

– الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى