مقالات

السرعة القصوى وضرورة التصدير

شارك هذا الموضوع:

محمد عاكف الزعبي

لكل اقتصاد سرعة قصوى يعرض تجاوزها لخطر الانكماش. في الاقتصادات المتقدمة يعتبر التضخم هو المحدد الرئيسي لهذه السرعة.
لذا، فان ترك الاقتصاد ينمو ويتسارع بدون الاستعانة بالكوابح للسيطرة على معدلات التضخم هو بمثابة الابقاء على القدم على دواسة التسارع.
فكلما زادت سرعة المركبة قلت قدرة السائق على التحكم فيها وزادت احتمالية ان يفقد السائق السيطرة عليها.
هذا على مستوى الاقتصادات المتقدمة. اما على مستوى الاقتصادات الصغيرة فان المحدد الرئيسي للنمو هو الاحتياطيات الاجنبية.
خذ الاردن على سبيل المثال. ليس التضخم هو ما يحدد قدرة الاقتصاد الاردني على النمو، فهو يظل اصغر من ان يصنع تضخمه بنفسه، لذلك تجده يستورد تضخمه من الخارج، تجد العلاقة بين النمو والتضخم فيه وقد اتسمت بالعشوائية من دون ان تلتزم بالاتجاه الطردي الذي رسمته النظرية الاقتصادية.
لكن في الوقت ذاته هنالك محدد اخر لنمو الاقتصاد الاردني هو الحساب الجاري وتأثيره على الاحتياطيات الاجنبية. فتخيل لو ان بإمكان الحكومة تخفيض الضرائب، مثلا، وترك الاقتصاد المحلي ينمو بنسبة 5 % اليوم، هل كان الاقتصاد ليتحمل هذا المستوى من النمو وما يترتب عليه من اتساع في الميزان التجاري وتأكل في الاحتياطيات الاجنبية؟
الاجابة لا، والنتيجة سوف تكون انخفاضا في قيمة العملة.
المثير للاهتمام هنا ان المحدد هو التضخم مرة اخرى لكن ليس التضخم المدفوع بالطلب والذي يصنعه الاقتصاد بنفسه، ولكن التضخم المستورد الذي يأتي عبر بوابة الاحتياطيات الاجنبية.
فاذا تراجعت الاحتياطيات انخفضت قيمة العملة وارتفعت الاسعار وكانت النتيجة تاكل في القوة الشرائية وتراجع في الطلب وتباطؤ في اداء الاقتصاد.
ما سبق يعني شيئا واحدا هو ان النمو في الاردن، طالما بقيت سياسة سعر الصرف الثابت قائمة، وهي باعتقادي مستمرة، سوف يظل محكوما دائما بالاحتياطيات الاجنبية. وهذا بدوره يقود الى استنتاج اخر اكثر اهمية هو ان النمو المنشود لن يتحقق الا عبر بوابة الصادرات. واي بوابة اخرى (الانفاق الاستهلاكي او الحكومي او انفاق الاعمال) ستظل دائما محكومة بمحدد الاحتياطيات الاجنبية.
حتى تحفيز الصناعات المحلية وحمايتها من المنافس الاجنبي لن يحقق للاقتصاد النمو المطلوب اذا ما ظلت صناعاتنا (وخدماتنا على حد سواء) عاجزة عن الخروج الى الاسواق الاجنبية والمنافسة فيها.
لا مفر من التصدير، ولا مهرب من البحث عن ميزة التنافسية ولا طريق امامنا الا اختراق الاسواق الاجنبية. واذا كنا الان عاجزين عن اختراق الاسواق التقليدية فلنفكر في اسواق اخرى؛ السوق الافريقية مثلا؟ ربما.
بالمناسبة قد يكون قربنا من افريقيا، عبر ميناء العقبة، هو ميزة تنافسية لاقتصادنا اهملت عبر السنوات الماضية وينبغي علينا إحياؤها!

– الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى