تكنولوجيا

المحاكاة الرقمية لا تزال صعبة التطبيق في القطاع الطبي

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

باتت مسألة المحاكاة بالكمبيوتر في التجارب السريرية لاختبار مثلا أدوية جديدة على مرضى افتراضيين قيد البحث لدى الهيئات الناظمة في الولايات المتحدة وأوروبا، لكن هذه التقنية لا تزال بعيدة المنال.

غالبا ما تستخدم المحاكاة الرقمية في عدة مجالات، مثل الملاحة الجوية أو الطاقة النووية أو صناعة السيارات.

لكن جهود البحث والتطوير ذات الصلة بالأدوية الجديدة لا تزال ترتكز على تجارب في المختبرات بداية ثم أخرى في الجسم الحي.

وهذه الدراسات السريرية طويلة ومكلفة مع نسب فشل مرتفعة جدا، فأقل من 10% من الأدوية المحتملة الخاضعة للتجارب تطرح في السوق في نهاية المطاف. وغالبا ما يتحجج القطاع الصيدلاني بهذه المخاطر المرتفعة للتفاوض على أسعار باهظة جدا.

أما المرضى الذين يتطوعون للمشاركة في هذه التجارب، فهم يعانون أحيانا من آثار جانبية خطرة.

ويستعين القطاع الصيدلاني بنماذج محاكاة كمبيوترية للأبحاث التي تجرى قبل التجارب بغية تسريع اكتشاف جزيئات علاجية واعدة.

ومن شأن هذه التقنيات أن تسمح بمزيد من التقدم، لا سيما في ما يخص تحديد درجة سمية دواء محتمل ما، فضلا عن فعاليته وحتى مدى قابلية تجربته في الجسم الحي.

ويقول أدريانو هينيي الأمين العام لاتحاد “أفيسينا ألاينس” وهي جمعية تضم أكثر من 500 خبير كلفتها المفوضية الأوروبية النظر في هذه الرهانات “يمكننا التطرق إلى التركيبة الفيزيولوجية بفضل نماذج المحاكاة التي تساعدنا على فهم كيفية تفاعل المنتج في جسم المريض”.

ويوضح سيرج ألبو الرئيس المؤسس لشركة “بيونكست” التي تتخذ في ستراسبورغ (شرق فرنسا) مقرا لها وأطلقت مؤخرا منصة إلكترونية للمحاكاة الحيوية “إذا تسنى لنا رصد الجزيئة التي تشكل المشكلة او الحل في وقت أبكر، ستنخفض التكلفة في البحث والتطوير وبالتالي سينخفض سعر الدواء”.

تجارب مكيفة بحسب الحاجات

وتجمع كل الجهات الفاعلة في القطاع على أنه ما من تكنولوجيا استشرافية في وسعها أن تحل محل التجارب في الجسم الحي. وتطالب هذه الجهات بتزاوج بين التقنيات مع تجارب في المختبر وفي الجسم الحي والمحاكاة بالكمبيوتر من شأنه أن يخفض الحاجة إلى إجراء اختبارات على الحيوانات والبشر.

وقد تعود هذه المقاربة بالنفع خصوصا على التجارب التي يصعب فيه اللجوء إلى مرضى، “مثلا في حالات الأمراض النادرة أو تلك التي تصيب الأطفال”، بحسب أدريانو هينيي.

وفي الولايات المتحدة، تدرس الوكالة الأميركية للأغذية والأدوية (اف دي ايه) مسألة استخدام المحاكاة بالكمبيوتر في التجارب بناء على طلب من مجلس الشيوخ.

أما في اوروبا، فقد سمح في دراسة لتقييم منتج مقدم لوكالة الأدوية الأوروبية (إي ام ايه) بإدماج نتائج المحاكاة بالكمبيوتر في ملحق بالملف. وهو “تقدم ملحوظ” على حد قول هينيي.

لكن بغية النجاح، “لا بد من أن تتيح هذه التجارب إمكانية اقتفاء أثر” البيانات الواردة في البداية والنتائج الصادرة في النهاية كي يتسنى لأشخاص ليسوا من الخبراء في هذا المجال فهم الآلية برمتها والتدقيق بطريقة العمل، على ما يؤكد فرنسوا-هنري بواسيل المدير التنفيذي لمجموعة “نوفاديسكوفيري” للمحاكاة الحيوية الطبية في ليون (جنوب شرق فرنسا).

أما في ما يخص بيانات المرضى، “فلا بد من إيلاء أهمية خاصة لمسألتي السرية والموافقة ليس لجمع البيانات فحسب بل أيضا للنفاذ إليها بانتظام وإعادة استخدامها”.

وعلى نطاق أوسع، من الضروري تغيير منهج العمل برمته في الهيئات الناظمة وأنظمة الضمان الصحي، بحسب محمد أشرف المدير التنفيذي لشركة أريانا فارما الفرنسية للمحاكاة الحيوية.

فأنظمة الصحة لا تزال تفضل الأدوية التي تجرب على أكبر عدد من المرضى، في حين أن تقنيات المحاكاة بالكمبيوتر تفتح المجال لما يعرف بالتطبيب المكيف بحسب الحاجات الذي يقضي بزيادة فعالية العلاج لعدد أصغر من المرضى.

– ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى