مقالات

أصغر مخترق

شارك هذا الموضوع:

عبد الله المغلوث

أبهرني وأسعدني الشاب الصغير بدر عبد المحسن الغامدي “11عاما” الذي التقيته أثناء زيارتي إلى جمعية ارتقاء الخيرية التي تعنى بجمع أجهزة الكمبيوتر وإعادة تأهيلها وتوزيعها على الجمعيات التعليمية والاجتماعية. توقعت عندما قدمه لي الرئيس التنفيذي لـ”ارتقاء” المهندس صالح باظفر كأحد المتطوعين في الجمعية أن بدر طفل شغوف بالتقنية والاطلاع لكن عندما قابلته عبر حسابي في “سناب تشات” شعرت أنني أمام موهبة فذة ولافتة جديرة بالتقدير والضوء. فقد كان يشرح لي خطوات إعادة تأهيل الجهاز بسلاسة وانسيابية ووعي خبير محترف. كل هذا وهو لم يتجاوز 11عاما. وقادني فضولي لسؤال المشرف على العمليات في “ارتقاء” خالد عبد الكريم عن الدور الذي لعبه بدر في الجمعية خلال الأسابيع الأربعة التي أمضاها فيها فأجاب أن بدر شارك في إعادة تأهيل نحو 32 جهازا بمهارة فائقة. وأشار إلى أن بدر وصل إلى مرحلة متقدمة في العمل تتجسد في القدرة على تشخيص المشكلة التقنية، وهذه المهارة لا يتمكن منها سوى المتمرسين الذين لهم باع طويل في هذا المجال. لم أترك بدر في حاله عدت إليه لأن تميزه التقني يشبه الكثير من مواهب أطفالنا التي ترقد في البيوت فأحببت أن أنهل أكثر منه وعنه. سألته عن بدايته مع فضوله التقني فأخبرني أنه منذ الخامسة من عمره وهو يعبث في أمعاء الأجهزة التقنية سابرا أغوارها، ثم تطور الموضوع بعد عدة سنوات عندما قام باختراق بعض المواقع مستعينا بخطوات ودروس تعلمها في اليوتيوب. وحينما اكتشف والده هذا الاهتمام الكبير بالتقنية عمل على تسخيرها إيجابا فحرص أن يشغل وقت فراغه في الصيف ويستثمر موهبته بإلحاقه بجمعية ارتقاء للتعلم والاستفادة من خبراتها والمهندسين العاملين فيها. وتحول اليوم فضول بدر إلى منتج يستفيد منه المئات في أرجاء المملكة. يقول لي بدر: “كسبت في “ارتقاء” الكثير. استطعت أن أطبق عمليا كل ما كنت أشاهده ولا أستطيع تنفيذه. توافرت أمامي أجهزة عديدة تعاني من مشاكل مختلفة أتيحت لي الفرصة أن أعمل عليها. “ارتقاء” اختصرت عليّ سنوات والآن أقوم بإصلاح أجهزة إخوتي وأخواتي بكفاءة”. شكرا لبدر وشكرا لارتقاء وشكرا لأبي بدر الدكتور عبد المحسن الذي حرص أن يستثمر طاقة ابنه في المكان المناسب. لم يستسلم للخيارات المحدودة أمام ابنه في الصيف وبحث وفتش عن الملاذ الآمن لموهبته فعثر عليها وتشبث بها، ليثمر نجاحا كبيرا ومدويا اليوم وغدا.

– الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى