الرئيسيةريادة

الجنيدي بطل العالم في رفع الأثقال يصنع من إعاقته جسرا للمجد

شارك هذا الموضوع:

*ربى الرياحي

في ذاكرة المجد، حفر معتز الجنيدي (38 عاما) اسمه كبطل. صنع لنفسه حلما يختص به يحاكي عزيمته وإصراره ويقويه على مواجهة واقعه. قرر معتز أن يحب إعاقته ويتصالح معها فمنحته الحياة وعن جدارة وسام الإبداع والتفوق. كل شيء حوله كان يدعوه لأن يصافح بطموحه القمة ويغزل بخيوط الأمل.

سطر قصة نجاح تتخطى كل العوائق الاجتماعية الصعبة التي من شأنها أن تزيد من معاناة فئة قادرة على التميز وتغيير الصورة النمطية السلبية الملازمة لها، ليتوج بطلا للعالم في رفع الأثقال ويحقق العديد من الإنجازات التي توجت مسيرته.

يقول الجنيدي “إن البداية كانت عندما تعرض لمطعوم فاسد نتج عنه على الفور إصابته بشلل الأطفال، وهو في الخامسة من عمره، فما كان منه إلا أن يتأقلم مع وضعه الجديد بمساعدة أسرته التي حرصت كل الحرص على أن تؤهله نفسيا وجسديا من خلال التحاقه بمدرسة خاصة تعنى بذوي الإعاقة”.

دخوله لجمعية الحسين أسهم وبشكل كبير في صقل شخصيته وأضاف له الكثير من الخبرات والمهارات الحياتية، وأصبح أكثر علما وثقافة وتقبلا لإعاقته، ومكنه من التعايش معها وذلك حتى الصف الخامس الأساسي. ويبين أن مواجهته الحقيقية مع المجتمع بدأت فعليا عندما اضطر لإكمال دراسته في المدارس الحكومية، والاحتكاك بواقع جديد عليه غير مهيأ بيئيا وفكريا ونفسيا، يحتاج منه أن يكون صلبا قويا يعرف جيدا كيف يبحث عن الحلول التي تناسبه، ويؤمن بها بدلا من الاستسلام للمشكلات التي من شأنها أن تبعده قصرا عن حياة يرغب في أن ينتمي إليها بتميزه وإرادته التي لا تقهر. 

إصراره على أن يكون شخصا مختلفا حفزه على أن ينجح دراسيا من خلال حصوله على درجتي البكالوريوس والماجستير في المحاسبة. أعطاه مساحة أكبر لاكتشاف ذاته والتعرف على قدراته الجسدية باستغلاله الجزء العلوي منها من خلال خضوعه لتدريبات مكثفة في الاتحاد الأردني لذوي الإعاقة سنة 2003 وتمكينه من المشاركة في أولمبياد بكين وحصوله على الميدالية البرونزية في رفع الأثقال.

يقول “احترافي لهذا النوع القاسي من الرياضات يعود في الدرجة الأولى لروح التحدي والتصميم التي أمتلكها”، معتبرا أنها سبب مهم في تحقيق هدف لطالما سعى إليه وجاهد من أجله، وهو أن يكون بطل العالم في رفع الأثقال ووصوله لأعلى رقم قياسي 229 كيلوغراما في بطولة العالم في دبي سنة 2014.

“شعور جميل حين نتحرر من تلك القيود الاجتماعية المفروضة على الإعاقة”، هكذا يقول الجنيدي، الذي أثبت أنه واحد من فئة تستحق أن تكون موجودة في قلب الحياة بإنجازات ترفع لها القبعة وتلغي ذلك القصور الفكري تجاه فئة تؤمن جيدا بإمكاناتها وتحتاج فقط لمن يعمل معها لا من يعمل عنها.

عشقه للتحدي ورؤيته المتفائلة للإعاقة باعتبارها امتيازا، كلها أسباب جعلت من معتز حالة إبداعية قادرة على أن تبدد كل الأفكار السلبية البعيدة كل البعد عن واقع ذوي الإعاقة وقدراتهم، وتغرس فيهم أملا جديدا بإمكانه أن يوقظ أحلاما اعتقدوا أنها لن تتحقق أبدا بحكم مجتمع يتعمد أحيانا أن يثني عزيمة أشخاص يريدون فقط أن يكونوا أعضاء فاعلين، ويثبتوا أن الإعاقة قد تكون في كثير من الأحيان نقطة انطلاق نحو الإنجاز وخلق لحظات من التميز جديرة بأن توثق تاريخيا وتبقى حاضرة حتى وإن حاول البعض تشويهها.

مسؤوليات كبيرة يحملها معتز على عاتقه اليوم تجاه بلده أولا وتجاه ذوي الإعاقة ثانيا. يصر على أن تكون له بصمة في كل مكان فهو إلى جانب الرياضة يعمل كموظف في وزارة الصناعة والتجارة في قسم المالية، كما أنه محاضر مدرب في التنمية البشرية يسعى من خلال هذا الدور إلى تحفيز الشباب وتعريفهم بمكامن القوة لديهم، وبالتالي استغلالها ليكونوا ناجحين اجتماعيا ومهنيا.

نجاح الجنيدي في كل هذه الأدوار ساعده كثيرا على إعطاء صورة حقيقية عن ذوي الإعاقة وإلى أي درجة يستطيعون أن يحدثوا تغييرا في مجتمعهم من خلال تصميمهم على أن يكونوا متواجدين فعليا بطاقاتهم وبرغبتهم في أن يتجاوزوا فكرة البقاء عالة على أسرهم.

يقول “نحن لا نحتاج لأقدام لكي نسير في الحياة، نحن بحاجة إلى إقدام. ولست بحاجة ليدين لأغمر من أحب. ولست بحاجة لعينين لأرى ولكن بإحساسي وإيماني وقوة عزيمتي أغمر وأرى من أحب. لا يوجد شخص معاق في الحياة وإنما يوجد مجتمع معيق. لا يوجد صعب لا يوجد مستحيل وكل شيء في الحياة ممكن”.

*الغد

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى