خاصمقالات

الحكومة الالكترونية: لا نريدها “باصا سريعا”

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

في عصر الأجهزة الذكية، والتحول الكبير نحو مزيد من الارتباط بالإنترنت، اصبحنا بحاجة ماسة اليوم الى خدمات حكومية الكترونية، تغنينا عن الوصول الى الدوائر الحكومية لانجاز المعاملات، وتوفر علينا الوقت والجهد وازمات المرور والكثير من المصاريف.

ببساطة : نريد اليوم خدمات حكومية الكترونية 100% من بدء تقديم المعاملة حتى مرحلة الدفع،…، لا نريد خدمات الكترونية مجزوءة،ونأمل ان لا يتحوّل برنامج الحكومة الالكترونية -الذي أنجز كثيرا في البنية التحتية -الى حالة شبيهة بمشروع الباص السريع في قطاع النقل،الذي اصبح مضرب مثل في البطء وقلة الانجاز.

لقد مر اكثر من 12 عاما على برنامج الحكومة الالكترونية، الذي تعاقب عليه 14 حكومة و 8 وزراء اتصالات،وحقيقة الامر بان هذه الفترة على طولها شهدت العديد من الإنجازات : في البنية التحتية وربط المؤسسات ببعضها في شبكة واحدة امنة، تدريب الموظفين، هندسة الاجراءات في المؤسسات، ومجموعة من الخدمات الالكترونية.

بيدان كل ذلك لم يجعلنا نشعر ونلمس حتى اليوم بخدمات حكومية الكترونية مكتملة ( الكترونية بالكامل من بدء تقديم الطلب حتى مرحلة الدفع وتسلم المعاملة دون الحاجة الى وصول المؤسسات والدوائر الحكومية ذات العلاقة في اي مرحلة من مراحل تقديم الخدمة)، فمعظم الخدمات التي عملت عليها الحكومات السابقة خرجت لنا خدمات حكومية مجزوءة( اي انها بقيت تقليدية في بعض مراحلها).

كماان الحكومات المتعاقبة لم تنجح كثيرا في ترويج لبعض الخدمات التي حولتها الى الكترونية، كما شهد البرنامج تباطؤا وتوقفا عن الانجاز في بعض مراحله لا سيما فترة مرور الازمة المالية العالمية ومع محدودية الموازنى الحكومية في سنوات لاحقة.

لا نريد الخوض في الماضي، ولكن من واجب الحكومة الحالية والحكومات القادمة ان تستفيد من المشاكل التي واجهت برنامج الحكومة الالكترونية خلال العقد الماضي ، لنتجاوزها ونبني على ما تم انجازه، يجب علينا اليوم وضع البرنامج اولوية لكل مؤسسات الحكومة ليكون الانجاز مسؤولية الجميع :وزراة الاتصالات بشراكة المؤسسات الاخرى، والافضل من ذلك ايجاد صيغة لادارة البرنامج بشكل يلزم جميع المؤسات الحكومية بالتنفيذ والانجاز متجاوزين البيروقراطية ومقاومة التغيير التي اسهمت فيما مضى بالتاخير للبرنامج.

كذلك علينا تجاوز البيروقراطية الحكومية لا سيما في مجال طرح عطاءات المشاريع الإلكترونية، ونقص الكفاءات المشرفة على البرنامج، وعدم جاهزية المؤسسات الحكومية، واكمال النقص التشريعي بتأخر اقرار قانون المعاملات الإلكترونية، والاستفادة من الربط مع منظومة الدفع الالكتروني ” اي- فواتيركم” التي نجح البنك المركزي في ايجادها لتصبح خدماتنا مكتملة الكترونيا حتى مرحلة الدفع.

وعلينا استغلال الفرصة اليوم فالفرصة مواتية لبناء واكمال الخدمات الحكومية الالكترونية التي تم انجازها في الماضي، والتركيز اكثر على الخدمات التي يمكن ان تنفذ عبر الهواتف المتنقلة في ظل وجود اكثر من 11 مليون اشتراك خلوي في المملكة، ونسبة انتشار تصل الى 65% للهواتف الذكية.

منذ تسملها حقيبة الاتصالات في التعديل الثاني لحكومة عبدالله النسور الثانية التقيت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مجد شويكة في عدة مناسبات غير رسمية، اكدت فيها جميعها بان وزارتها ستعطي البرنامج اولوية وتركيزا أكثر في اتجاهين، وهما اخراج خدمات الكترونية يلمسها المواطن بشكل حقيقي، والتركيز واستغلال انتشار الهواتف الذكية لتنفيذ الخدمات.

وابدت الوزيرة تفاؤلها بالمستقبل وبامكانية الانجاز في البرنامج خلال الفترة المقبلة لا سيما وان شويكة مؤمنة باهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير القطاع وخدماته وبرامجه المختلفة.

لا اريد بث روح التشاؤم حول الموضوع، ولا اريد جلد الذات، ولكنني اريد التأكيد هنا على اهمية تجاوز وتخطي كل العقبات والحواجز المتشابكة والمعقدة التي لازمت البرنامج في سنوات ماضية لنحصل على خدمات حكومية الكترونية مكتملة في عصر بدات الدول فيه بالتفكير في تطبيق ” الحكومة الذكية”.

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى