هاشتاق عربي
“الإنسانية.. الإرادة.. الطاقة.. الإبداع” اجتمعت معا لتحقيق إنجاز تلو الآخر في حياة الطالب الجامعي زيد شملي من مدينة الكرك، والذي حظي مؤخرا بعرض مشروعه جهاز “منع الاختناق” أمام جلالة الملكة رانيا العبدالله في Ibdaa Expo 2017.
الطالب شملي يبلغ من العمر (19 عاما) سنة أولى هندسة كهرباء في جامعة مؤتة، بالإضافة لكونه مدرب روبوت معتمدا، ويقوم بتدريب أطفال القرى في المناطق الأقل حظا، حتى يعرفهم على الروبوت، وكيف يمكنهم عمل الروبوت الخاص بهم.
شملي، في حوار مع “الغد”، يؤكد قائلا “ترسخ ببالي منذ أيام المدرسة بأن كل مواطن يجب أن يكون لديه دور في المجتمع، وعليه أن يفكر بما يمكنه صنعه أو تحقيقه على أرض الواقع”.
وعن الدافع وراء اختراع جهاز “منع الاختناق”، يوضح شملي “تولد شغفي لاختراع هذا الجهاز، وأنا في الصف العاشر الأساسي تحديدا، عندما قرأت خبر وفاة عائلة مكونة من سبعة أفراد بسبب الاختناق في مدينة الرمثا، تألمت جدا، وتساءلت: نحن في زمن تطور تكنولوجي عملاق، وواجبنا أن نستغل هذه التكنولوجيا لحل المشاكل التي تعاني منها البشرية، فكيف يمكن مساعدة أرواح عديدة إن استطعنا استغلالها بالشكل الأمثل”.
وبدأ شملي في البحث عن أسباب هذه المشكلة؛ إذ يقول “وهنا بدأت المعاناة، كيف أستطيع تطبيق فكرتي وأنا لا أمتلك الخبرة الكافية في التكنولوجيا، وعليه توجهت لعدد من المختصين، وفوجئت برفضهم للفكرة، معللين ذلك بأنهم لا يقومون بعمل اختراع لا ينجح، وبدأت اقتراحاتهم بعمل مشاريع أخرى مثل جهاز يعمل على إطفاء إنارة المنزل من الهاتف النقال، لكني لم أستجب لهم، فأنا مؤمن بفكرتي وضرورة تطبيقها لمساعدة العديد من الأشخاص”.
الردود السلبية لم تقف حجر عثرة في مشوار شملي، الذي تابع البحث وتطوير معلوماته شيئا فشيئا، إلى جانب استشارته لمختصين آخرين، وبدأت التطبيق العام 2014، وأثمر عنه جهاز قادر على حل المشكلة من جوانب عدة: التنبيه، الإسعاف الأولي، استدعاء الدفاع المدني.
شارك شملي بمسابقة (INTEl ISEF) التي تقام كل عام على مستوى العالم، ولم ينجح بها، بسبب طلب اللجنة منه القيام بالعديد من الأمور التي لم يستطع تنفيذها.
الفشل في المرة الأولى لا يعني نهاية المطاف، وهذا ما أكده شملي عندما عاد وبدأ من جديد التفكير والبحث في تطوير الجهاز بشكل عملي أكثر، وحقق ذلك.
عاد شملي للمشاركة في المسابقة العام 2015 بعد تطويره الاختراع، وتأهل للمنافسة، ومثل الأردن على مستوى الوطن العربي، وحصل على المركز الأول على فئة الفيزياء والإلكترونيات، والرابع على جميع الفئات على مستوى الوطن العربي.
ويعرف شملي جهاز “من الاختناق” الذي صممه بأنه جهاز يقيس 5 غازات سامة منها (co، co2،lpg، البروبان، البيوتان)، وعندما تزيد هذه النسبة ينبه الشخص الموجود، وإذا كان الشخص نائما أو طفلا أو ذا إعاقة لن يستجيب لهذا الإنذار، وعليه سيدخل الجهاز الأكسجين تلقائيا للمكان، وعندما يعمل على منع الاختناق يتصل الجهاز بالدفاع المدني عن طريق مكالمة مسجلة تخبر عن موقع الحادث ونوعه وهو الاختناق.
تم اختيار شملي للحديث في أكبر حدث عالمي للريادة “أسبوع الريادة العالمي” في جامعة الأميرة سمية، حتى يلهم الشباب ويحثهم على الإصرار في تحقيق أحلامهم.
محطة مهمة أخرى في حياة شملي هي “العمل التطوعي في تعليم الروبوت” أنه يعمل في مدرب معتمد روبوت في جمعية إبداع، وأيضا في محطات المعرفة التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
بمجهود فردي منه، قرر شملي أن يدرب الأطفال في المناطق الأقل حظا على “عمل الروبوت”، فقد زار العديد من القرى البعيدة قليلة الخدمات، وبدأ تعليم الأطفال شيئا فشيئا، من خلال الاتفاق مع أصحاب المدارس والمراكز والنوادي في توفير قاعات لعقد دورات مجانية.
يقول شملي: “أجمل الأوقات أقضيها في تعليم الأطفال، نسبة كبيرة منهم يتمتعون بذكاء ومهارة عاليين، أزورهم ومعي معدات الروبوت، وبدأ بالشرح من الألف إلى الياء في تصميم وبرمجة الروبوت، حتى يصلوا لمرحلة تركيبه وتطبيقه على أرض الواقع”.
ويرى أن تعليم الروبوت يساعد على نمو العقل ويوسع مدارك الطفل ويجعله قادرا على التخيل والابتكار، فمن خلاله يستطيع تطبيق فكرة تكنولوجية سواء طبية، فضائية، هندسية… وغيرها.
ويأمل أن ينتشر تعليم الروبوت في المدارس لما له أهمية في حياتنا، كما يسعى لأن يصل لكل قرية في المملكة ويسهم في تعليم أبنائها.
يشكر الطالب شملي كل من وقف معه وسانده في تحقيق إنجازاته، ومنهم عائلته التي لم تتوان يوما عن تقديم الدعم المعنوي له، إلى جانب مساندة مدير مدرسته في مدينة الكرك، وكذلك نادي إبداع الكرك، وجمعية إبداع.. وكل من كان له أي دور مهما كان صغيرا، أو تشجيع أسهم في نجاحه.
*الغد – منى ابو صبح