مقالات

البيانات الضخمة من اجل إحداث تأثير ضخم

شارك هذا الموضوع:


هاشتاق عربي
*رئيـــــس مجلـــس مفوضـي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات
الدكتــور المهنـــدس غـــــازي الجبـــــور

نحتفل في هذا اليوم الموافق 17/5/2017 باليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات، وهو اليوم الذي يوافق ذكرى تأسيس الاتحاد الدولي للاتصالات في عام 1865.

ويأتي اعتماد الاتحاد لشعار “البيانات الضخمة من اجل إحداث تأثير ضخم” متوافقاً مع التوجهات العالمية نحو تيسير الشراكة الدولية للاستخدام الامثل للبيانات الضخمة.

إن تطور وانتشار أنظمة الاتصالات الإلكترونية، وانتشار المعلومات وتوافرها على نطاق واسع وبكميات هائلة أحدث تغييرات جذرية في طبيعة البيانات التي أصبحت تتسم بكبر حجمها وسرعة تراسلها الفائقة بالإضافة إلى تنوعها، مما استدعى ضرورة ابتكار وسائل حديثة وإيجاد الأطر التنظيمية المناسبة لإدارة هذه البيانات وتحليلها بفعالية.

فاستغلال البيانات الضخمة وإدارتها وتحليلها بفعالية سيشكل بلا شك فرصة ذهبية لتمكين العاملين في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والاكاديمية والخدمية سواء في القطاع الخاص أو في القطاع العام من بناء قواعد معلومات تمكنهم من اتخاذ القرارات التي تؤدي إلى تحسين فعالية أدائهم وبما ينعكس بشكل مباشر على تحفيز الابتكار والابداع وتحقيق مستويات غير مسبوقة من التقدم والازدهار وبالاخص في المجتمعات النامية، آخذين بعين الاعتبار ما لإستغلال البيانات الضخمة من دور كبير في تنمية الاقتصاد المعرفي بشكل عام، حيث أصبح الاقتصاد المعرفي من أهم الاقتصاديات وأسرعها نمواً في عالمنا المعاصر، لما تحتويه صناعة المعرفة من طاقات هائلة وقدرات سوقية كبيرة خاصة بالنسبة للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل محدودة الموارد الطبيعية مثل الأردن، إذ أن القيمة الاقتصادية للبيانات الضخمة تساوي بلايين الدولارات سنوياً، بحيث ذهب بعضهم إلى تسمية البيانات الضخمة بالنفط الجديد لأنها تشكل وقوداً للإبتكارات وتنشيط الاقتصاد، ولكن على عكس النفط، وبطبيعة الحال، فإن هذا بئر لن ينضب أو يجف، فقد بدأنا للتو الاستفادة منه.

إن جزء كبير من مصادر البيانات الضخمة يتولد بشكل رقمي من خلال وسائل الاتصالات التي توفرها شركات الاتصالات العاملة في هذا المجال، مثل تطبيقات الهاتف المحمول، وشبكات التواصل الاجتماعي، والمدفوعات الالكترونية، بالإضافة إلى بيانات محركات البحث على شبكة الانترنت إضافة الى بيانات مجسات الاستشعار وغيرها من المصادر بما في ذلك ما يعرف بانترنت الأشياء، وهذا يستدعي الاستمرار في تطوير وتحديث أنظمة الاتصالات التي تستخدمها تلك الشركات لإستيعاب الكم الهائل من البيانات التي يتم نقلها وبالسرعة المناسبة. ونحن في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات نسعى دائماً لتمكين تلك الشركات من تطوير وتحديث أنظمتها العاملة بما يخدم هذه الغاية.

وفي هذا المجال، ولغاية تفعيل إطار تنظيمي لانترنت الأشياء، فقد قامت الهيئة بإعداد الورقة الخضراء (الاستشارية) والتي تغطي كافة جوانب انترنت الأشياء ونمط الاتصال آلة مع آلة، آخذين بعين الاعتبار التحديات، والأمور المتعلقة بها مثل التراخيص والطيف الترددي، التجوال والانتقال من شبكة الى شبكة أخرى، المنافسة في سوق خدمات انترنت الاشياء، الأمن والخصوصية، بالإضافة إلى الأمور المتعلقة بالترقيم. وذلك لمعرفة واقع حال خدمات انترنت الأشياء في المملكة والعمل على تفعيل الأطر التنظيمية ذات العلاقة والموائمة لها؛ لتنظيم تجهيز البنى التحتية لخدمات انترنت الأشياء.

ومن جهة أخرى فإن عمليات تحليل البيانات الضخمة يمكن أن تكون بشكل خدمات يتم تقديمها من قبل شركات متخصصة في هذا المجال باستخدام نظم وأدوات تكنولوجية متطورة من برامج ومعدات وموارد بشرية مؤهلة لاستغلال وإدارة البيانات وتحليلها، وبما يتناسب مع طبيعة هذه البيانات من حيث حجمها المهول وسرعتها وتنوعها. الاعتماد على الحوسبة السحابية، على سبيل المثال، يمكن أن يكون وسيلة فعّالة لنقل كميات كبيرة من البيانات إلى خوادم المؤسسات أو الشركات، وقد حرصت الهيئة على دراسة كافة جوانب تكنولوجيا الحوسبة السحابية ومدى الحاجة لإخضاعها لإطار تنظيمي بإعتبارها خدمة تكنولوجيا معلومات لم يتم تنظيمها بأي شكل بعد في هذه الأسواق المستحدثة.

وعند الحديث عن موضوع البيانات الضخمة فلا بد من الاشارة إلى أن مستقبل البيانات الضخمة لا ينحصر بالنواحي التكنولوجية فقط، بل يستدعي الأمر أن لا نغفل عن مسألة غاية في الأهمية تتعلق بحماية حقوق المستفيدين من خلال ضمان سرية وحماية البيانات الشخصية وضرورة حمايتها من أي استغلال أو تهديد قد يطال أصحابها إذا أسيء استخدامها بأي شكل من الاشكال، وبالاخص في ظل عدم وجود أُطر تنظيمية قانونية تنظم عملية استخدام هذه البيانات.

وفي هذا المجال، لا بد من الإشارة إلى أن شبكة الهيئات العربية لتنظيم قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وخلال الاجتماع الرسمي الرابع عشر الذي عُقد في عمّان والذي على أثره ترأست الهيئة أعمال الشبكة العربية 2016 -2017، كانت قد أنهت مشروعها حول البيانات الضخمة الذي يمثل دراسة لتحديد الأطر التنظيمية اللازمة لضبط إجراءات التعامل مع البيانات الضخمة، وقد تم نشره على الموقع الالكتروني للشبكة، ونحن في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات على إستعداد لتزويد كافة الجهات المعنية بتلك الدراسة.

كما سنبذل ما في وسعنا لتسخير كافة الامكانيات والقدرات المتاحة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وبالتنسيق مع كافة الاطراف المعنية، في سبيل تسهيل عملية الاستغلال الأمثل للبيانات الضخمة وتحليلها وبالوقت المناسب للنهوض بمجتمعنا وتمكينه من استغلال قدراته وبما يحّسن من فعالية متخذي القرارات على اتخاذ القرارت السليمة والمعتمدة على هذه البيانات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى